المَشيداتُ، التي رُفعتْ، - أبوالعلاء المعري

المَشيداتُ، التي رُفعتْ،
أرْبُعٌ من أهلِها دُرُسُ

قامَ للأيّام، في أُذُنْي،
واعظٌ من شأنِهِ الخرَس

أخلقتْ، جسمَ الفتى، جُددٌ،
ذاتُ خُلقٍ، لينُهُ شَرَس

فشتاءٌ، بعدَهُ وَمَدٌ،
ومصيفٌ، إثرهُ قرَس

لُبتُ، حولَ الماءِ، من ظمإ،
إنّ غربي مالَهُ مرَسُ

كم أبَنّ الغابَ من أسَدٍ؛
أيُّ ليثٍ ليسَ يُفترَس

مُهجَتي ضدٌّ يُحارِبُني،
أنا مني كيفَ أحْترس؟

إنّما دُنياكَ غانَيةٌ،
لَمْ يُهنّىء زوجَها، العُرُس

أُمُّ شبلٍ، فوقَها لِبَدٌ،
ظُفْرها، من قتْلنا، وَرِس

فالقَها بالزُّهدِ، مدّرِعاً،
في يَديَكَ السّيفُ والتُّرُس

إنْ دَنا، من فارسٍ، أجلٌ،
حارَ، لايَجري به الفَرَس

كلُّ مَنْ حانَتْ مَنيتُّهُ،
لم يُدافعْ، دُونَهُ، حرَس

ليسَ يَبقَى فَرعُ نابتَةٍ،
أصلُها، في الموتِ، مُغترس

خبّرَتْنِي كلُّ ناطِقَةٍ،
ذاكَ حتى الزّيرُ والجَرَس