أَلَمَّتْ وَدُوني رامَة ٌ فَكَثِيبُها - الأبيوردي

أَلَمَّتْ وَدُوني رامَة ٌ فَكَثِيبُها
يَنُمُّ على مَسْرَى البَخيلَة ِ طِيبُها

وَفَوْقَ الغُرَيْرِيَّاتِ أعْناقُ فِتْيَة ٍ
يَشُدُّ طُلاها بِالرِّحالِ دُؤُوبُها

وَأَنَّى اهتَدَتْ، وَاللَّيلُ داجٍ وَدُونَها
حُزونُ البِطاحِ مِنْ مِنى ً وُسهوبُها

وَزارَتْ فَتى ً نِضْوَ السِّفارِ تَطاوَحَتْ
بهِ نُوَبٌ تَطْغى عليهِ خُطوبُها

وما رَاَقَبَتْها عُصْبَة ٌ عامِرِيَّة ٌ
تُزَرُّ على أُسْدِ العَرينِ جُيوبُها

فَإنَّ نَسيمَ العَنْبَرِ الوَرْدِ إنْ سرَتْ
إلينا، وَوَسْواسُ الحُلِيِّ، رَقيبُها

وَللهِ عَيْنٌ تَمْتَري دَمْعَها النَّوى
وَنَفْسٌ يُعَنِّيها الهَوى وَيُذِيبُها

وَكُنْتُ إذا الأَيْكِيَّة ُ الوُرْقُ غَرَّدَتْ
أَخَذْتُ بِأَحْناءِ الضُّلوعِ أُجِيْبُها

وَإِنْ خَطَرَتْ وَهْناً صَباً مَشْرِقِيّة ٌ
على كَبدي هاجَ الغَرامَ هبوبُها

وَإِنّي لأَسْتَنْشِى الرِّياحَ فَرُبَّما
تَجيءُ بِرَيّا أُمِّ عَمْروٍ جَنُوبُها

وَأَنْشَقُ منها نَفْحَة ً غَضَوِيَّة ُ
وَلي عَبَراتٌ ما تَجِفُّ غُرُوبها

أعَلِّلُ نَفْساً بِالعِراقِ مَريضة ً
وَلَكِنْ بِأَكْنافِ الحِجازِ طَبيبُها

فهلْ عَلِمَتْ بِنْتُ الحُوَيْرِثِ أنَّني
مُقيمٌ على العَهْدِ الّذي لا يَريبُها

وَمُخْلِسَة ٌ مِنْ رَوْعَة ِ البَيْنِ لِمَّتي
أَقَبْلَ الثَّلاثينَ اسْتَنارَ مَشيبُها

وما نَهْنَهْتْني دونَها خَشْيَة ُ الرَّدَى
وَهَلْ هِيَ إلاّ مُهْجَة ٌ وَشَعُوبها

ولا خِفْتُ أَنْ يَسْتَغْوي البِيدُ ناظِري
فَإنّي إذا ما اغْبرَّتِ الأرضُ ذِيبُها

وَبِيضٍ أُرَوِّيها دَماً عِنْدَ مَأْزِقٍ
بِهِ تَشْهِدُ الهَيْجاءُ أَنَّي شَبيبُها

وَشِعْرٍ كَنَوّارِ الرِّياضِ أَقولُهُ
إذا الكَلِماتُ العُورُ قامَ خَطيبُها

أُنيرُ وَأُسْدِي مَجْدَ أَرْوَعَ باسِمٍ
على حينِ يَلْوي بِالوُجوهِ قُطوبُها

تَصوبُ بِكَفَّيْهِ شَآبِيبُ نائِلٍ
إذا السَّنَواتُ الشُّهْبُ مارَ ضَريبُهَا

وَيَخْلُفُ أَنْواءَ الرَّبيعِ إذا كسا
سَنامَ الحمى بُرْدَيْ عَديمٍ نُضوبُها

أَخُو هِمَمٍ مَشْغوفَة ٍ بِمَكارِمٍ
يَروحُ إلى غاياتِهِنَّ عَزيبُها

وَيَقْصُرُ عَنْها المَدْحُ حتى كأَنَّنا
إذا نَحْنُ أَثْنَيْنا عليها نَعيبُها

أَطلَّ على الأكفاءِ تَغْلي صُدورُهُمْ
على حَسَدٍ تفترُّ عَنْهُ نُدوبُها

وَصاغَتْ لهُ في كُلِّ قَلْبٍ مَحَبَّة ً
يَدُ بِالأيادي ثَرَّة ُ تَسْتَثيبُها

وَلَو أَضْمَرَتْ فيهِ العَداوَة َ أَنْفُسٌ
لَحَدَّثَ عن أَسْرارِهِنَّ قُلوبُها

إِليكَ أَبا حَسانَ أُزْجي رَكائِباً
لَها مِنْ رِحابِ الأَكْرَمينَ خَصيبُها

وَيُطْرِبُها الحادي بِمَدْحِكَ مَوْهِناً
فَتَخْدي وقد مَسَّ المَراخِي لُغوبُها

ولولاكَ لم أَطْرُقْ أَحاوِصَ عامِرٍ
ولا نَبَحَتْني في كُلَيْبٍ كَليبُها

فَيَمَّمْتُ أَخْوالي هِلالَ بْنَ عامِرٍ
وَاغِرْبَة ُ الحَيَّيْنِ شاجٍ نعيبُها

أُؤَمِّلُ أن أَلْقَى الخُطوبَ فَتنْثَني
نَوابيَ عن شِلْوي لَدَيْهِمْ نُيوبُها

فَمَعْذِرَة ُ الأَيّامِ مَقْبُولَة ٌ بِهِمْ
وَمَغْفورَة ٌ لِلنّائِباتِ ذُنوبُها