أهذهِ خطراتُ الرَّبربَ العينِ - الأبيوردي

أهذهِ خطراتُ الرَّبربَ العينِ
أمِ الغُصونُ على أنقاءِ يبرينِ

رَمَيْنَ إِيماءَ مَطْوِيٍّ على وَجَلٍ
عن ناظرٍ لا يقلُّ الجفنَ موهونِ

كأَنَّهنَّ مهاً تهفو بأعينها
لِبارِقٍ بِهَوادي الرِّيحِ مَقْرون

عَرَضْنَ ، وَالعِيسُ مُرْخَاة ٌ أَزِمَّتُهَا
يَرتاحُ مِنْهُنَّ مَعْقولٌ لِمَرْسون

بموقفٍ لا ترى فيه سوى دنفٍ
دامي الجُفونِ طَليحِ الشَّوقِ مَحزونِ

فَلَستُ أدري-وَقَد أَتْبَعْتُهُنَّ ضُحًى
طرفي، وليسَ على قلبي بمأمونِ-

قُدودُها أم رِماحُ الحَيِّ تُحْدِقُ بي
وأعينٌ أم سهامُ القومِ تُصميني

مِن كُلِّ مالِئَة ِ الحِجْلَيْنِ ، ما بَخِلَتْ
إلاّ لِتَمْطُلَني دَيْني ، وتَلْويني

يا ليتَ شعري- وَليتٌ غيرُ مجدية ٍ
وَالدَّهْرُ يَعْدِلُ بي عَمَّا يُمَنِّيني-

هل أُوردنَّ ركابي، وهيَ صادية ٌ
ماءَ العُذيبِ فيرويها وَيرويني

وَنفحة ُ الشِّيحِ إذ فاحَ النَّسيمُ بها
من غُلَّة ٍ أضمرتها النَّفسُ، تشفيني

أو أطرقنَّ القبابَ الحمرَ، يصحبني
أَغَرُّ مِن كُلِّ ما أخْشاهُ يُنْجيني

وَالخَطْوُ أطْوِيهِ أحياناً وَأَنْشُرُهُ
وَالرُّعْبُ يَنْشُرني طَوْراً وَيَطْويني

إذا الحِجى ردَّني عمّا أهمُّ بهِ
رنا إليَّ الشَّباب الغَضُّ يغريني

وعصبة ٍ لا تُطيفُ المكرماتُ بها
وَلا تُليحُ مِنَ الفَحشاءِ وَالهُونِ

تَريشُها ثَروة ٌ لا أَسْتَكينَ لَها
وإنْ ألحَّ عليَّ الدَّهرُ يبريني

هَيهاتَ أنْ يَطَّبيني شَيْمُ بَارِقَة ٍ
في مستحيرٍ يسدُّ الأُفقَ مدجونِ

وَلِلإمامِ أبي العَبَّاسِ عارِفَة ٌ
تُروي الصَّدى ، والنَّدى المنزورُ يظميني

إذا دعوتُ لها المُستظهر ابتدرتْ
من كَفِّهِ سحبُ الجدوى تُلبِّيني

ذو هِمَّة ٍ بِالعُلا مَشْغوفَة ٍ ، جَمَعَتْ
منَ المكارمِ أبكاراً إلى عُونِ

لَم يَرْضَ بالأرضِ فاختارَ السَّماءَ لها
حتّى اطمَأَنَّتْ بِرَبْعٍ غَيْرِ مَسْكونِ

تعتادهُ هيبة ٌ في طيِّها كرمٌ
وَشِدَّة ٌ شابَها الأَحْلامُ بِاللِّينِ

وَيوطئُ الخيلَ والهيجاءُ لاقحة ٌ
هامَ العِدا بينَ مضروبٍ وَمطعونِ

وَتَحْتَ راياتِهِ آسادُ مَلْحَمَة ٍ
في ظهرِ كلِّ أقبِّ البطنِ ملبونِ

سودٌ كحائمة ِ العُقبانِ، يكنُفُها
عزُّ تبلّجَ عن نصرٍ وَتمكينِ

إِذا اسْتَنامتْ إِلى العِصْيانِ مارِقَة ٌ
يأبى لها الحينُ أن تبقى إلى حينِ

مَشَوْا إليها بِأسيافٍ كما انْكَدَرَتْ
شهبٌ ثواقبُ في إثرِ الشَّياطينِ

إذا انتَضى الرّأيَ لم تضجَع غُمودهمُ
بِكُلِّ أَبيضَ ماضي الحَدِّ مَسْنونِ

يا خيرَ من ألقحَ الآمالَ نائلهُ
بموعدٍ يلدُ النَّعماءَ مضمونِ

ولَّى الصِّيامُ وقد أوقرتهُ كرماً
أفْضى إِليكَ بِأَجرٍ غَيْرِ مَمْنونِ

وَأقبلَ العيدُ مفترَّاً مباسمهُ
بِطائرٍ هَزَّ مِنْ عِطْفَيْكَ مَيْمونِ

وَمُقْرَباتٍ خَطَتْ عَرْضَ الفَلاة ِ بِنا
قبٍّ سراحيبَ أمثالَ السَّراحينِ

إِليكَ - والخَيرُ مطلوبٌ ومُتَّبَعٌ-
زجرتُها كأضاميمِ القَطا الجونِ

وَالعِيسُ هافِيَة ُ الأَعْناقِ مِن لَغَبٍ
كَالنَّخْلِ كانتْ فعادتْ كَالعَراجينِ

يَحْمِلْنَ مَدْحَكَ والرَّاوي يُنَشِّرُهُ
عن لؤلؤٍ بمناطِ العقدِ موضونِ

يُصْغِي الحَسُودُ لَهُ مَلآنَ مِن طَرَبٍ
وَمِنْ جَوًى بِمَقيلِ الهَمِّ مَكْنونِ

والحمدُ لا يجتنيهِ كلُّ ملتحفٍ
باللُّؤمِ من صفقة ِ العلياءِ مغبونِ

وَمَن نُرَجِّيهِ لِلدُّنيا وَنَمْدَحُهُ
فَأَنْتَ تُمْدَحُ لِلدُّنْيا وَلِلدِّينِ