بَكَتْ شَجْوَها وَهْناً، وَكِدْتُ أَهيمُ - الأبيوردي

بَكَتْ شَجْوَها وَهْناً، وَكِدْتُ أَهيمُ
حَمائِمُ وَرْقٌ صَوْتُهُنَّ رَخيمُ

تَجاوَبْنَ إذْ حَطَّ الصَّباحُ لِثامَهُ
وَرَقَّ مِنَ اللَّيْلِ البَهيمِ أَدِيمُ

فَأَذْرَيْتُ أَسْرابَ الدُّموعِ، وَشَفَّني
جَوى ً بَيْنَ أَثْناءِ الضُّلوعِ أَليمُ

وَأَوْمَضَ لي بَرْقاً سَحابٍ وَمَبْسِمٍ
فَلَمْ أَدْرِ أَيَّ البارِقَيْنِ أَشِيمُ

يَطُولُ سُهادي إنْ تَناعَسَ بارِقٌ
وَيُلْوي بِصَبْري أَنْ يَهُبَّ نَسيمُ

وَكيفَ أُرَجِّي أَنْ أَصِحَّ، وَكُلُّ مَا
رَماني بِهِ صَرْفُ الزَّمانِ سَقيمُ؟

شَمالٌ كَتَرْنِيقِ النُّعاسِ، وَمُقْلَة ٌ
بِها اقتَنَصَ الأُسْدَ الضَّراغِمَ ريمُ

وَهَلْ واجِدٌ يَمْتاحُ عَبْرَتَهُ النَّوى
وَيَسْبُلُهًُ الشَّوْقُ الرُّقادَ، مُليمُ

فَلا تَعْذُلِيني يَابْنَة َ القَوْمِ، إنَّني
وَإنْ هَمَّ دَهْري بالسَّفاهِ حَليمُ

أَضُمُّ جُفوني دونَ بارِقَة ِ المُنَى
وَأَحْمَدُ مَرَّ العَيْشِ وَهْوَ ذَميمُ

وَأَسْتَفُّ تُرْبَ الأَرْضِ إنْ عَضَّني الطَّوى
وَيُجْزِىء عَنْ لَسِّ الغُمَيْرِ هَشيمُ

وَلا أَشْتَكي الأَيّامَ، إنَّ اعْتِدَاءَها
على عَبْدِ شمسٍ يا أُمَيْمَ قَديمُ

وَتَقْطَعُ عَنْ حَيَّيْ نِزارٍ عَلائِقِي
صُروفُ اللَّيالي، وَالخُطوبُ تَضيمُ

وَأَلْوي إلى الأَتراكِ جِيدي، فَلا النَّدى
قَليلٌ، ولا أُمُّ الوَفاءِ عَقيمُ

لَهُمْ َأنْفُسٌ، وَالحَرْبُ فاغِرَة ٌ فَماً
بِمُعْتَرَكِ المَوْتِ الزُّؤامِ تُقيمُ

وَأَوْجُهُهُمْ وَالسُّخْطُ يُبْدي قُطوبَها
كَأَوْجُهِ أُسْدٍ، كُلُّهُنَّ شَتيمُ

وَهُنَّ بُدورٌ حِينَ يُشْرِقْنَ في الدُّجَى
فَلا فارَقَتْها نَضْرَة ٌ وَنَعيمُ

وقد دّبَّ في كُتَّابِهِمْ نَشْوَة ُ الغِنى
وَكُلُّهُمُ جَعْدُ اليَدَيْنِ لَئِيمُ

إِذا زارَهُمْ خِلٌّ مقل لَوَوْا بِهِ
مَناخِرَ لَمْ يَعْطِسْ بِهِنَّ كَريمُ

وَلَوْلا أَخُونا مِنْ بَجِيلَة َ لَمْ يَكُنْ
لَهُمْ حَسَبٌ عندَ الفَخارِ صَميمُ

هُوَ الغُرَّة ُ البَيْضاءُ في جَبَهاتِهِمْ
وَكُلُّهُمُ جَوْنُ الإهابِ بَهيمُ

فَلَيْتَ المطايا كُنَّ حَسْرَى وَظُلَّعاً
ولمْ يَتَّبِعْنَّ الرِّعْيَ وَهْوَ وَخيمُ

بِكُلِّ مَقيلٍ مَجَّتِ الشَّمْسُ رِيقَها
عليهِ، وَكَشْحُ الظِّلِّ فيهِ هَضيمُ

سَأَرْحَلُ عنهمْ والمُحيّا بِمائِهِ
وَعِرضِيَ مسْ مَسَّ الهَوانِ سَليمُ

فَإن جَهلُوا فَضْلي عليهمْ فَإِنَّني
بِتَمْزيقِ أَعْراضِ اللِّئامِ عَليمُ