عَرَضَتْ كَخُطوطِ البانَة ِ الأُمْلودِ - الأبيوردي

عَرَضَتْ كَخُطوطِ البانَة ِ الأُمْلودِ
تَخْتالُ بينَ مَجاسِدٍ وَعُقودِ

هيفاءُ لَيِّنَة ُ التَّثَنّي، أَقْبَلَتْ
في خُرَّدٍ كَمَها الصَّرائِمِ غِيدِ

وَمَرَرْنَ بِالوادي عَلى عَذَبِ الحِمى
فَحَكَيْنَ هِزَّة َ بأنِهِ بِقُدودِ

وَحَكى الشَّقيقُ بِهِ اسْوِدادَ قُلوبِها
وَأُعيرَ مِنْهُنَّ احْمِرارَ خُدودِ

وَكَأَنَّ أَعيُنَهُنَّ مِنْ وَجَناتِها
شَرِبَتْ على ثَمَلٍ دَمَ العُنْقودِ

فَطَرَقْنَنِي وَاللَّيْلُ رَقَّ أَديمُهُ
وَالنَّجْمُ كادَ يَهُمُّ بِالتَّعْريدِ

وَوَجدْتُ بَرْدَ حُلِيِّهِنَّ، وَهَزَّ مِنْ
عِطْفَيْهِ ذو الرَّعثاتِ للتَّغْريدِ

فَانْجابَ مِنْ أَنْوارِهِنَّ ظَلامُهُ
وَأَظَلَّهُنَّ دُجى ذَوائِبَ سُودِ

وأَنا بِحَيْثُ القُرْطُ مِنْ أَجْيادِها
يَنْأَى ، وَيَقْرُبَ مِحْمَلي مِنْ جيدي

كَرُمَتْ مَضاجِعُنا فَلِيثَ على التُّقَى
أُزْري وَجِيبَ عَنِ العَفافِ بُرودي

أَزْمانَ ينْفُضُ لِمَّتي مَرَحُ الصِّبا
وَهُوَ الشَّفيعُ إلى الكَعابِ الرُّودِ

وَمَشارِبي زُرْقُ الجِمامِ فَلَمْ يَنَلْ
مِنّي الأُوامُ بِمَنْهَلٍ مَورْودِ

فَارْفَضَّ شَمْلُ الأُنسِ إذ جَمَعَ البِلى
بِزَرودَ، بينَ مَعاهِدٍ وَعُهودِ

وَتَقاسَمْتني بَعْدَهُ عُقَبُ النَّوى
حَتّى لَفَفَتُ تَهائِماً بِنُجودِ

وَفَلَيْتُ ناصِيَة َ الفَلا بِمَناسِمٍ
وَسَمَ المَطِيُّ بِها جِباهَ البيدِ

فَسَقى الغَمامُ- وَلَسْتُ أَقْنَعُ بالحَيا-
أَيّامَنا بَيْنَ اللِّوَى فَزَرودِ

بَل جادَهَا ابنُ العامِرِيِّ بِراحَة ٍ
وَطْفاءَ صِيغَ بَنانُها مِنْ جُودِ

مُتَوَقِّدُ العَزَماتِ، لو رُمِيَتْ بِها
زُهْرُ النُّجومِ لآذَنَتْ بِخُمودِ

وَمُواصِلٍ أَرَقاً على طَلَبِ العُلا
في مَعْشَرٍ عن نَيْلِهِنَّ رُقودِ

ذو ساحَة ٍ فَيْحاءَ مَعْروفٍ بها
وَزَرُ اللَّهيفِ وَعُصْرَة ُ المَنْجودِ

مَلْثومَة ُ العَرَصاتِ، في أَرْجائِها
مَثْوى جُنودٍ أَو مُناخُ وُفودِ

لَمَّا تَوَشَّحَتِ البِلادُ بِفِتْنَة ٍ
ما إنْ تَصيدُ سِوى نُفسِ الصِّيدِ

وَتَشُبُّ شَعْثاءَ الفُروعِ وَتَمْتَري
أَخْلافَ حَرْبٍ لِلْمَنونِ وَلودِ

أَوْهى مَعاقِدَها وَأَطْفَأَ نارَها
قَبْلَ انْتِشارِ لَظى ً وَبَعْدَ وَقودِ

بِالجُرْدِ تَمْتاحُ العَجاجَ وَغِلْمة ٍ
في الغابِ مِنْ أَسَلِ القَنا كَأُسودِ

مِنْ كُلِّ وَطَّاءٍ على قِمَمِ العِدا
بِحَوافِرٍ خُلِقَتْ مِنَ الجُلْمودِ

وَصَوارمٍ عُرِّينَ مِنْ أْغمادِها
حتّى ارتَدَيْنَ مِنَ الطُّلى بِغُمودِ

وَلَوِ انْتَضَى أَقْلامَهُ السُّودَ احْتَمى
بِبضُ الصِّفاحِ بِها مِنَ التَّجريِدِ

وَالسُّمْرُ مِنْ حَذَرِ التَّحَطُّمِ في الوَغى
تُبدي اهتِزازَ مُنَضْنِضٍ مَطْرودِ

فَكَأَنَّهُنَّ أُعِرْنَ مِنْ أَعْدائِهِ
يَوْمَ اللِّقاءِ تَلَوِّيَ المَزْؤودِ

وَهُمُ إذا ما الرَّوْعُ قَلَّصَ ظِلَّهُ
عَنْ كُلِّ مُسْتَلَبِ الحُشاشَة ِ مُودِ

مِنْ سائِلٍ صَفَداً يُؤَمِّلُ سَيْبَهُ
وَمُكَبَّلٍ في قِدِّهِ مَصْفودِ

وَكِلاهُما من رَهْبَة ٍ أَوْ رَغْبَة ٍ
بَأْساً وَجُوداً ، مُوثَقٌ بِقُيودِ

كَمْ قُلْتُ لِلْمُتَمَرِّسينَ بِشَأوِهِ
أَرْميهِمُ بِقَوارِعِ التَّفْنيدِ

غاضَ الوَفاءُ فليسَ في صَفَحاتِهِمْ
ماءٌ ، وفي الأحْشاءِ نارُ حُقودِ

وَحُضورُهُمْ في حَادِثٍ كَمَغيبِهمْ
وَقِيامُهُمْ لِمُلِمَّة ٍ كَفُعودِ

لم يَبتْنَوا المَجْدَ الطَّريفَ وَلا اقْتَنَوا
مِنهُ التَّليدَ بِأَنفُسٍ وَجُدودِ

لا تَطْلُبوهُ، فَشَرُّ ما لَقيَ امرؤٌ
في السَّعي خَيْبَة ُ طالِبٍ مَكْدودِ

لكَ يا عَليُّ مَآثِرٌ في مِثْلِها
حُسِدَ الفتى ، وَالفَضْلُ لِلْمحسودِ

وَضَحَتْ مَناقِبُكَ الّتي لَمْ يُخْفِها
حَسَدٌ يُلَثِّمُهُ العِدا بِجُحودِ

وَالنّاسُ غَيْرَكَ، والعُلا لكَ كُلُّها
ضَلُّوا مَعالِمَ نَهْجها المَسْدودِ

فَاستَقْبِلِ النَّيروزَ، طَلَقَ المُجْتَلى
وَالدَّهْرَ عَذْبَ الوِردِ نَضْرَ العُودِ

في دَولة ٍ تُرخي ذَوائِبها على
عِزٍّ يُلاذُ بِظِلِّهِ المَمْدودِ