أَدارٌ بِأَكْنافِ الحِمى جادَها الحَيا - الأبيوردي

أَدارٌ بِأَكْنافِ الحِمى جادَها الحَيا
وَأَلْقَتْ بِها أَرْواقَهُنَّ سَحائِبُهْ

أجيبي محبّاً إنْ توهَّمَ منزلاً
عَفَا، بَلَّ رُدْنَيْهِ مِنْ الدَمْعِ ساكِبُهْ

فَأَيْنَ الظِّباءُ العِينُ وَالرَّشَأُ الذّي
يلاعبها طوراً وطوراً تلاعبهْ

وَمَا أُمُّ ذيّالِ السَّرابِيلِ باسلٍ
طَويلِ نِجادِ السَّيْفِ عَبْلٍ مَناكِبُهْ

غدا يبتغي نهباً يشفُّ وراءهُ
ثَراءٌ لَعَلَّ العَيْشَ تَصْفُو مَشارِبُهْ

فَلاقاهُ فُرْسَانٌ تَلوحُ سُيوفُهُمْ
صَباحاً، وَليلُ النَّقْعِ تَجْثُو غَياهِبُهْ

وَماصَعَهُمْ حتّى تَحَطَّمَ سَيْفُهُ
ومجّتْ نجيعاً في المكَّرِ ذوائبهْ

وَغُودِرَ أَكْلاً لِلضِّباعِ وَطُعمَة ً
لأَفْتَخَ مِنْ لَحْمِ القَتِيلِ مَكاسِبُهْ

فعادَ إليها بالنَّعيِّ رفيقهُ
يشقُّ دريسيهِ أسى ً وهوَ نادبهْ

فظلَّتْ بيومٍ دعْ عدوِّي بمثلهِ
طَويلٍ على مَنْ ضُمِّنَ اللَّحْدَ غائِبُهْ

وباتتْ بليلٍ وهوَ أخفى لويلها
سَريعاً تَبَكِّيها،بَطيءٍ كَواكِبُهْ

بأوجدَ منّي يومَ ودَّعتُ غادة ً
هِلاليَّة ً وَالصُّبْحُ يَلْمَعُ حاجِبُهْ

وَوَاشٍ يُسِرُّ الحِقْدَ،واللَّحْظُ ناطِقٌ
بهِ َو على الشَّحناءِ تُطْوَى تَرائِبُهْ

وَشَى بِسُلَيْمى مُظْهِراً لِي نَصِيحَة ً
وَمِنْ نُصَحاءِ المَرْءِ مَنْ هُوَ كاذِبُهْ

وَرَشَّحَ مِنْ هَنّا وَ هَنّا حَدِيثَهُ
ليخدعني واللَّيلُ يغتالُ حاطبهْ

فقرَّبتهُ منّي ولمْ يدرِ أنَّهُ
إذا عدَّ مجدٌ ليسَ ممَّنْ أقاربهْ

وَأَرْعَيتُهُ سَمْعِي لِيَحْسَبَ أَنَّني
سَريعٌ إلى الأمرِ الّذي هُوَ طالِبُهْ

وَلو رَامَ عَمْروٌ وَالمُغِيَرة ُ غِرَّتِى
لأعيتهما فليحذرَ الشَّرَّ جالبهْ

وَما الصَّقرُ مِثْلِي حينَ يُرْسِلُ نَظْرَة ً
وتصدقهُ عيناهُ فيما يراقبهْ

ولا الأسدُ الضّاري يردُّ شكيمتي
وإنْ دميتْ عندَ الوقاعِ مخالبهْ

فَقُلتُ له لمّا تبيَّن أنَّنِي
فَتى الحَيِّ لا يَشْقى بِهِ مَنْ يُصاحِبُهْ

أَتَعذِلُني فاها لِفيكَ على الهَوى
لأَرْمِيَ بِالحبْلِ الّذي أنتَ قاضِبُهْ

وَأَهجُرَ مَنْ أُغْرَى إذا عِبْتَهُ بِهِ
جُعِلتُ فِداءً للَّذي أنتَ عائِبُهْ

يَهيمُ بِهِ، وَالرَّاقصاتِ إلى مِنى ً
فؤادٌ يُجنُّ الحبَّ والوجدُ غالبهْ

كأنّي نزيفٌ خامرَ السُّكرُ لبَّهُ
عشيَّة َ شطّتْ بالحبيبِ ركائبهْ

تمثِّلهُ الذِّكرى وهيهاتَ نازحٌ
نأت داره حتّى كأنِّي أخاطبه