وَلَهٌ تَشِفُّ وراءَهُ الأشْجانُ - الأبيوردي

وَلَهٌ تَشِفُّ وراءَهُ الأشْجانُ
وَهَوى ً يَضيقُ بِسِرِّهِ الكِتْمانُ

وَمُتَيَّمٌ يُدمي مَقيلَ هُمومِهِ
وَجْدٌ يُضَرِّمُ نارَهُ الهِجْرانُ

فَنَضا الكَرى عن مُقلَتَيْهِ شادِنٌ
عَبِثَ الفُتورُ بِلَحْظِهِ وَسْنانُ

يَرعى النُّجومَ إذا اسْتَرابَ بِطَيْفِهِ
هَلاّ استَرابَ بِطَرْفِهِ اليَقْظانُ

أَلِفَ السُّهادُ فلو أَهابَ خَيالُهُ
بِالعَيْنِ ما شَعَرَتْ بِهِ الأجْفان

للّهِ وَقْفَتُنا التّي ضَمِنَتْ لَنا
شَجَناً غَدَاة َ تَفرَّقَ الجيرانُ

نَصِفُ الهَوى بِمَدامِعٍ مَذْعورَة ٍ
تَبكي الأُسُودُ بِهِنَّ والغِزْلانُ

وإذَا سَمِعْنا نَبْأَة ً مِنْ عاذِلٍ
جُعِلَتْ مَغيضَ دُموعِها الأَرْدانُ

وَلَقد طَرَقْتُ الحَيَّ يَحْمِلُ شِكَّتي
ظامي الفُصوصِ، أَديمُهُ رَيّانُ

لَبِسَ الدُّجى وأَضاءَ صُبْحُ جَبينِهِ
يَنْشَقُّ عنهُ سَبيبُهُ الفَينْانُ

وَسما لِدارِ العامِرِيَّة ِ بَعْدَما
خَفَتَ الهَديرُ وَرَوَّحَ الرِّعْيانُ

وَوَقَفْتُهُ حيثُ اليَمينُ جَعَلْتُها
طَوْقَ الفَتاة ِ، وفي الشِّمالِ عِنانُ

وَرَجَعْتُ طَلْقَ البُرْدِ أَسْحَبُ ذَيْلَهُ
وَيَعَضُّ جِلْدَة َ كَفَّهِ الغَيْرانُ

يا صاحِبَّي تَقَصَّيا نَظَرَيكمُا
هَلْ بَعْدَ ذَلِكُما اللِّوى سَفَوانُ

فَلَقَدْ ذَكَرْتُ العامِريَّة َ ذِكْرَة ً
لا يُسْتَشَفُّ وَراءها النِّسيانُ

وَهَفا بِنا وَلَعُ النَّسيمِ على الحِمى
فَثَنى مَعاطِفَهُ إليهِ البْانُ

وَمَشى بِأَجْرَعِهِ فَهَبَّ عَرارُهُ
مِنْ نَومِهِ وَتَنَاجَتِ الأَغْصَانُ

وَإذا الصَّبا سَرَقَتْ إليها نَظْرَة ً
مالَتْ كَما يَتَرَنَّحُ النَّشوانُ

عُبِقَتْ حواشي التُّرْبِ مِنْ أَمواهِهِ
راحاً تَصوغُ حَبابِها الغُدرانُ

فكأنَّ وَفْدَ الرِّيحِ شافَهَ أَرْضَها
بِثَرى ً تُعَفَّرُ عِنْدَهُ التِّيجانُ

مِنْ عَرْصَة ٍ تَسِمُ الجِباهَ بِتُربِها
صِيدٌ يُطيفُ بِعِزِّهِمْ إذعانُ

خَضَعوا لِمَلثْومِ الخُطا، عَرَصاتُهُ
لِلْمُعْتَفِينَ وَلِلْعُلا، أَوطانُ

ذو مَحْتِدٍ سَنِمٍ رَفيعٍ سَمْكُهُ
تُعْلِي دَعائِمَ مَجْدِهِ عَدْنانُ

قَوْمٌ إذا جَهَروا بِدَعوى عامِرٍ
قَلِقَ الظُّبا وَتَزَعْزَعَ الخِرْصانُ

وَأَظَلَّ أَطرافَ البَسيطَة ِ جَحْفَلٌ
لَجِبٌ يُبَشِّرُ نَسْرَهُ السِّرْحانُ

تَفْرى ذُيولَ النَّقْعِ فيه صَوارِمٌ
مَذروبَة ٌ، وذَوابِلٌ مَرّانُ

بِأَكُفِّ أَبطالٍ تَكادُ دُروعُهُم
عِنْدَ اللِّقاءِ تُذيبُها الأضْغانُ

مِنْ كُلِّ عرّاصٍ، إذا جَدَّ الرَّدى
في الرَّوعِ لاعَبَ مَتْنَهُ العَسَلانُ

وَمُهنَّدٍ تَنْدى َ مَضارِبُهُ دَماً
بِيَدٍ يَنُمُّ بِجودِها الإحسانُ

لَوْ كانَ لِلأرْواحِ مِنْهُ ثائرٌ
لَتَشَبَّشَتْ بِغرارِهِ الأبدانُ

وَبَنو رُؤاسٍ يَنْهَجُونَ إلى النَّدى
طُرُقاً يَضِلُّ أَمامَها الحِرْمانُ

كُرَماءُ والسُّحْبُ الغِزارُ لَئيمَة ٌ
حُلَماءُ حينَ تُسَفَّهُ الشُّجْعانُ

إِن جالَدوا لَفَظَ السُّيوفَ جُفونُها
أَوْ جاوَدوا غَمَرَ الضُّيوفَ جِفانُ

وإِذا العُفاة ُ تَمَرَّسوا بِفِنائِهِمْ
وَتَوَشَّحَتْ بِظلالِهِ الضِّيفانُ

طَفَحَ الدَّمُ المُهراقُ في أَرجائِها
دُفَعاً تُضَرَّمُ حَوْلَها النِّيرانُ

وإلى سَناءِ الدَّولَة ِ اضْطَرَبَتْ بِنا
شعب الرِّحالِ وَغَرَّدَ الرُّكْبانُ

ثَمِلُ الشَّمائِلِ لِلْمَديحِ كَأَنَّما
عاطاهُ نَشْوَة َ كَأْسِهِ النَّدْمانُ

وَنَماهُ أَروَعُ، عودُهُ مِنْ نَبْعَة ٍ
رَفَّتْ على أَعْراقِها الأَفْنانُ

يا مَنْ تَضاءَلَ دونَ غايتهِ العِدا
وَعَنا لِسَوْرَة ِ بَأْسِهِ الأَقْرانُ

أَيَّامُنا الأَعْيادُ في أَفْيائِكُمْ
بِيضٌ كَحَاشِيَة ِ الرِّداءِ لِدانُ

فاستَقْبِلِ الأضحى بِمُلكٍ طارفٍ
لِلعِزِّ في صَفَحاتهِ عُنوانُ

وَتَصَفَّحِ الكَلَمِ الّتي وَصَلَتْ بها
مِرَرَ البلاغَة ِ شِدَّة ٌ ولَيانُ

تُلقي إليَّ عِنانَها عَنْ طاعَة ٍ
وَلَها على المُتَشاعِرينَ حِرانُ

فَالمَجْدُ يَأْنَفُ أَنْ يُقْرِّظَ باقِلٌ
أَرْبابَهُ ، وَلَدَيْهِمُ سَحْبانُ

وَالشِّعْرُ راضَ أَبِيَّهُ لي مِقْوَلٌ
ذَرِبُ الشَّبا، وَفَصاحَة ٌ وَبَيانُ

وَيَدي مُكَرَّمة ٌ فلا أَعطو بِها
مِنَحاً على أَعْطافِهِنَّ هَوانُ

والماءُ في الوَجَناتِ جَمٌّ، وَالغِنى
حيثُ القَناعَة ُ ، وَالحشَى طَيَّانُ

تَلِدُ المُنى هِمَمٌ وَتَعَقُمُ هِمَّتي
فَيَمَسُّهُنَّ الهُونُ وَهيَ حَصَانُ