هِيَ الصَّبابَة ُ مِنْ بادٍ وَمُكْتَمِنِ - الأبيوردي
هِيَ الصَّبابَة ُ مِنْ بادٍ وَمُكْتَمِنِ
طَوى لهَا الوَجْدُ أَحشائي عَلى شَجَنِ
وَحَنَّة ٍ كَأُوارِ النَّارِ يُضْرِمُها
قَلْبٌ تَمَلَّكَ رِقَّ المَدْمَعِ الهِتنِ
ناوَلْتُهُ طَرَفَ الذِّكْرى فَأَقْلَقَهُ
شَوْقٌ يُصَرِّحُ عَنْهُ لَوْعَة ُ الحَزَنِ
فَحَنَّ والوَجْدُ يِسْتشْري عَلَيهِ كَما
حَنَّ الأَعاريبُ مِنْ نَجْدٍ إلى الوَطَنِ
تُذْري دُموعَهُمُ الذِّكرى إذا خَطَرَتْ
روُيحة ُ الحَزْنِ تَمْري دِرَّة َ المُزُنِ
فَلا اسْتَمالَ الهَوى عَيْني وَإنْ جَمَحَتْ
عَنْها، وَلا افتَرَشَ الواشي بِها أُذني
هَيفاءُ تُخْجِلُ غُصْنَ البانِ مِنْ هَيَفٍ
عَيناءُ تَهْزَأُ بِالغِزْلانِ مِنْ عَيَنِ
إذا مَشَتْ دَبَّ في أَعْطافِها مَرَحٌ
كَما هَفَتْ نَسَماتُ الرِّيحِ بِالغُصُنِ
وَإنْ سَرى بارِقٌ مِنْ أَرضِها طَمَحَتْ
عَيْنٌ تُقَلِّصُ جَفْنَيْها عَنِ الوَسنِ
وَأَسْتَمِلُّ إذا ريحُ الصَّبا نَسَمَتْ
حَديثَ نَعْمانَ وَالأَنْباءَ عَنْ حَضَنِ
وَأَحْبِسُ الرَّكْبَ يا ظَمياءُ إنْ بَرَقَتْ
غَمامَة ٌ، وَشَدَتْ وَرْقاءُ في فَنَنِ
عَلى رَوازِحَ يَخْضِبْنَ السَّريحَ دَماً
كادَتْ تَمَسُّ أَديمَ الأَرضِ بِالثَّفَنِ
إن خانَ سِرَّكِ طَرفي فَالهَوى عَلِقٌ
مِنّيِ بِقَلْبٍ على الأِسرارِ مُؤتَمَنِ
إِنِّي لأرضيكِ وَالحَيَّانُ فِي سَخَطٍ
بَثّا عَداوة َ مَوْتورٍ وَمُضْطَغِنِ
وَلَسْتُ أَحفِلُ بالغَيْرانِ ما صَحِبَتْ
كَفِّي أَنابيبَ لِلْعَسّالَة ِ اللُّدُنِ
لا أَبْتَغي العِزَّ إلاّ مِنْ أَسِنَّتِها
وَالمَوْتُ يَنْزِلُ، والأَرواحُ في ظَعَنِ
وَأَلْبَسُ الخِلَّ تَعْرَى لي شَمائِلُهُ
مِنَ الخَنى ، حَذَرَ الكاسي مِنَ الدَّرَنِ
وَأَنْفُضُ اليَدَ مِنْ مالٍ، إذا انْبِسَطَتْ
إليهِ عادَتْ بِعِرْضٍ عَنْهُ مُمْتَهنِ
لا رَغْبة ً ليَ في النُّعْمى ، إذا نُسِبَتْ
لَمْ تَتَّصِلْ بِغياثِ الدَّولة ِ الحَسَنِ
أَغَرُّ يَحْتَمِلُ العافونَ نائِلَهُ
على كَواهِلَ لَمْ يُثْقَلْنَ بالمِنَنِ
وَيَمْتَرُونَ سِجالَ العُرْفِ مُتْرَعَة ً
هذي المَكارِمُ لا قَعْبانِ مِنْ لَبَنِ
يَأوونَ مِنْهُ إلى سَهْلٍ مبَاءتُهُ
يَرمي صَفاة َ العِدا عَنْ جانِبٍ خَشِنِ
إذا المُنى نَزَلَتْ هِيماً بِساحَتِهِ
ظَلَلْنَ يَمْرَحْنَ بَيْنَ الماءِ والْعَطَنِ
أَدعوكَ يا بنَ عَلِيِّ والخُطوبُ غَدَتْ
تَلفُّني وَبَناتِ الدَّهر في قَرَنِ
كَمْ مَوْقِفٍ كَغِرارِ السَّيْفِ قُمْتُ بِهِ
وَالقِرْنُ مُشْتَمِلٌ فيه على إحَنِ
وَمِدْحَة ٍ ذَهَبَتْ في الأرضِ شارِدَة ً
تُهدي مَعَدٌّ قوافيها إلى اليَمَنِ
فَانْظُرْ إليَّ بِعَيْنَيْ ناقِدٍ يَقِظٍ
تَجْذِبْ إليكَ بِضَبْعَيْ شاعِرٍ فَطِنِ
ما كُلُّ من قالَ شِعْراً فيكَ سَيَّرَهُ
وليسَ كُلُّ كَلامٍ جيبَ عَن لَسَنِ
إذا مَسَحْتَ جِباهَ الخَيلِ سابِقَة ً
فَفي يَدَيَّ عِنانُ السّابِحِ الأَرِنِ
إنَّ المَكارِمَ لا تَرضى لِمِثْلكَ أَن
أُعْزَى إليهِ وَأَسْتَعدي على الزَّمَنِ