أَماطَ، وَاللَّيلُ أَثيثُ الجَناحْ - الأبيوردي

أَماطَ، وَاللَّيلُ أَثيثُ الجَناحْ
عَنْ مَبْسِمِ الشَّمْسِ لِثامَ الصَّباحْ

أَغَنُّ يَعْروهُ مِراحُ الصِّبا
وَيَنْثَني فَالقَدُّ نَشْوانُ صاحْ

كَالْفَنَنِ المَهْزورِ، تَعْتادُهُ
على لُغوبٍ نَسَماتُ الرِّياحْ

يَطْوي الفَلا وَهْناً وقد نَشَّرَتْ
ذَوائِبَ النّارِ قُرَيْشُ البِطاحْ

حيثُ القِبابُ الحُمْرُ مَحْفوفَة ٌ
بِالأَسَلِ السُّمْرِ وَبِيضِ الصِّفاحْ

حَلَّ الدُجى حُبْوَتَها إذْ سَرَى
وَاللَّيْلُ لِلْبَدْرِ حِماهُ مُباحْ

إذا الكَرى رَنَّقَ في عَيْنِهِ
رَنا بِأَجْفانٍ مِراضٍ صِحاحْ

وَإِنْ وَشى الحَلْيُ بِهِ راعَهُ
بَعْدَ وَفاءِ الخُرْسِ غَدْرُ الفِصاحْ

وَكَيْفَ يَسْتَكْتِمُ خَلْخالَه
سِرَّاً وقد نَمَّ عليهِ الوِشاحْ

إذا رَنا لَفَّ الرَّدى حاسِراً
بِدارِعٍ، فاللَّحْظُ شاكي السِّلاحْ

وما أَضاءَ البَرْقُ مِنْ ثَغْرِهِ
إلاّ تَجَلّى حَبَبٌ فوقَ راحْ

كأَنَّهُ الرَّوْضَة ُ مَطْلولَة ً
لَها اغتِباقٌ بِالنَّدى وَاصطِباحْ

إن مَطَرَتْ فيها دُموعُ الخَيا
ظَلَّتْ بِأَنْفاسِ النُّعامى تُراحْ

فَالطَّرفُ - إنْ مَرَّضَهُ- نَرْجِسٌ
وَالخَدُّ وَرْدٌ، وَالثُّغورُ الأَقاحْ

صَغا إلى اللَّلاحي وَصَغْوُ الهَوى
إليهِ، لارُوِّعَ صَبٌّ بِلاحْ

كَالمُهْرِ إِنْ طامَنْتَ مِنْ غَريبهِ
أَشَمَّهُ المَيْعَة َ جِنُّ المِراحْ

أُنْصِفُ إنْ جارَ، وَأَعْنو إذا
سَطا، وَأَلقى بالخُشوعِ الجِماحْ

فالغِيُّ رُشْدٌ، وَهَواني لَهُ
في الحُبِّ عِزٌّ، وَفَسَادي صَلاحْ

وَرُبَّما تَجْمَحُ بي نَخْوَة ٌ
تَلْهَجُ عَيْنايَ لَها بِالطِّماحْ

سَأَطْلُبُ العِزَّ وَلَوْ رَفْرَفَتْ
على حَواشِيهِ عَوالي الرِّماحْ

بِضَربْة ٍ رَعْلاءَ أَو طَعْنَة ٍ
تَخاوَصَتْ مِنْها عُيونُ الجِراحْ

مَتى أراها وَهْي مُزْوَرَّة ٌ
تَعْدو بآسادِ الشَّرى كَالسَّراحْ

وَاليومُ مُحْمَرُّ أَديمِ الضُّحى
بِالمَشْرَفِيَّاتِ صَقيلُ النَّواحْ

فَالذَّابِلُ الخَطِّيُّ يَشْكُو الصَّدى
حَتَّى يُرَوَّى بِالنَّجيعِ المُفاحْ

ياسَرَواتِ الرَّكْبِ رِفْقاً بِنا
فَالأَرْحَبِيّاتُ رَذايا طِلاحْ

أَسْمَعَها الرَّعْدُ بِإِرْزامِهِ
إهابَة َ الحادي وَراءَ اللِّقاحْ

وَاعْتَرَضَ المُزْنُ وفي شَوْطِهِ
دونَ شَآبيبِ حَياهُ انْتِزاحْ

يُومِضُ بِالبَرْقِ، وَكَمْ حارَدتْ
بِوَدْقِهِ أَطْباؤُهُ حينَ لاحْ

يَحْكي أَبا المِغْوارِ في بِشْرِهِ
يالَيْتَهُ أَشْبَهَهُ في السَّماحْ

سِيرُوا إلى آلِ عَدِيٍّ نُقِمْ
في عَطَنٍ رَحْبٍ وَحَيٍّ لَقاحْ

حيثُ العِراصُ الخُضْرُ، وَالأَنْعُمُ الـ
بِيضُ، وَأَنْوارُ الوُجوهِ الصِّباحْ

لا المَنْهَلُ المَوْرِودُ طَرقٌ، ولا الـ
ـمَسْرَحُ مَمْنوعٌ، ولا الظِّلُّ ضاحْ

إذا بَلَغْنا عَضُدَ الدِّينِ لَمْ
نَثْلِمْ شَبا المَحْلِ بِضَرْبِ القِداحْ

نُهدي إليهِ مِدَحاً نَمْتَري
بِهِنَّ خِلْفَ لنّائلِ المُسْتَماحْ

أَرْوَعُ طَلْقُ البُرْدِ، لَمْ يَحْتَضِنْ
مِنَ التُّقى حاشِيَتْيهِ جُناحْ

نائي المَدى ، يَقْصُرُ عن شَأْوِهِ
خُطاً أَطالِتها الأَعادي فِساحْ

لا يَغْلِبُ الحَقَّ بِهِ باطِلٌ
ولا يُدانِي الجِدَّ منهُ مِزاحْ

وَمَأْزِقٍ أَغْمدَ فيه الظُّبا
لَمّا انتَضى عَزْمَتُهُ لِلْكِفاحْ

وَنازَلَ المَوْتَ بِأَرْجائِهِ
شَهْباءُ تَقْتَادُ المَنايا رَداحْ

وَأَنْصَتَ القِرْنُ لِداعي الرَّدى
حيثُ العَوالي جَهَرَتْ بِالصيِّاحْ

حَتّى تَولَّى كَالنَّعامِ العِدا
مُقَنَّعي الهامِ بِبَيْضِ الأَداحْ

ياواهِبَ الأَعْمارِ بَعْدَ اللُّها
وَرَتْ زِنادي بِكَ قَبْلَ اقْتِداحْ

إليكَ أَغْدو غَيْرَ مُسْتَلْفِتٍ
جِيدي إلى رَشْحِ أَكُفُّ شِحاحْ

بِهِمَّة ٍ تَفْتَرُّ عَنْ مُنْيَة ٍ
مَدَّ هَواديهِ إليها النَّجاحْ

وبينَ طِمْرَيَّ فَتى ً ماجِدٌ
لَمْ يَجْتَذِبْ عارِفَة ً بِامْتِداحْ

وَحاجة ٍ دافَعَ عَنْ نَيْلِها
وَجْهٌ حَيِيٌّ وَزَمانٌ وَقاحْ

وَحاذَرَ المِنَّة َ مِنْ باخِلٍ
فَطَلَّقَ المِنْحَة َ قَبْلَ النِّكاحْ