يا طُرَّة َ الشَّيحِ بَسِفْحِ عاقِلِ - الأبيوردي

يا طُرَّة َ الشَّيحِ بَسِفْحِ عاقِلِ
كَيْفَ تُناجيكِ صَبا الأصائِلِ

لاخَطَرَ النَّعامُ فيكِ مَوْهِناً
يَريغُ تَوشيمَ الخِضابِ النّاصِلِ

وَصافَحَتْكِ الرّيحُ حَسْرى ، والثَّرى
مُرْتَضِعٌ دَرَّ الغَمام الهاطِلِ

فَرُبَّ أَعْرابِيَّة ٍ نَشوى الخُطا
تُقْلِقُ أَثْناءَ الوِشاحِ الجائِلِ

تَرمي حَوالَيْكِ بِأَحْداقِ المَها
إذا ارتَقَبْنَ غِرَّة َ الحَبائِلِ

وَيْحَ الهَوى كَيْفَ أَصابَ لَحْظُها
وقد أَطاشَ أَسْهُمي، مَقاتِلي

أَما كَفاها القَدُّ، وَهْوَ رامِحٌ
أَلاّ تُراميني بِطَرْفٍ نابِلِ

أَصْغَتْ إلى الواشِينَ بَعْدَ صَبْوة ٍ
أَرُدُّ فيها لَغَطَ العَواذِلِ

فَلَيْتَها أَوْصَتْ بِنا خَيالَها
غَداة َ أَبْدتْ صَفْحة َ المُزايلِ

تَضْحَكُ مِنْ ذي وَلَهٍ يَبْكي الصِّبا
شَوْقاً إلى أَيّامِهِ القَلائِلِ

أَيا أَخَا حَنْطَلَة َ بنِ مالِكٍ
ناضِلْ عَنِ الفِهْرِيِّ أُخْتَ وائِلِ

فَالنَّثْرَة ُ الحَصْداءُ لَمْ تَسُنَّها
إلاّ على عَبْلِ الذِّراعِ باسِلِ

وَالثّأْرُ لا تَغْفُلُ عنه خِنْدِفٌ
فَكَيْفَ أَغْضَيْتَ على الطَّوائِلِ

إنْ لمْ أُرَوِّعْ قَوْمَها بِفِتْيَة ٍ
يَمشونَ مَشْيَ الأُسْدِ بِالمَناصلِ

تَشُلُّهْم بِأَذْرُعٍ مَفْتولَة ٍ
على الرِّقابِ في عُرا السَّلاسِلِ

فَما انْتَضَتْ أفرى حُسامٍ لِلطُّلى
مِنْ خَيْرِ جَفْنٍ ضَمَّهُ قَوابلى

وقد أَرابَ- والرَّقيبُ هاجِعٌ-
طُروقُها تَرفُلُ في الغَلائِلِ

مَرَّتْ بِجَرْعاء الحِمى فَعَطَّرَتْ
أَشْباحَ أَطْلالٍ بِها نَواحِلِ

تَبْغي، كَأَنْضاءِ السُّيوفِ، فِتْيَة ً
مُوَسَّدينَ أَذْرُعَ الرَّواحِلِ

فَأَرَّقَتْ أَسْوانَ خاطَ جَفْنَهُ
كَرى ً هُوَ الصَّهْباءُ في المَفاصِلِ

عَدِّ عَنِ الطَّيْفِ فَما أَتى بِهِ
حُلْمٌ جَنَتْهُ سَوْرَة ُ البَلابِلِ

وَالشِّعْرُ في غَيْرِ الإِمامِ صادِرٌ
عَنْ فِكَرٍ تَعَلَّلَتْ بِالباطِلِ

مِنْ مَعْشَرٍ شُمِّ الأنُوفِ ذادَة ٍ
بِيضِ الوُجوهِ سادَة ٍ أَماثِلِ

دَلَّتْ على أَعْراقِهمْ أَفْعالُهُمْ
وَالمَكْرُماتُ جَمَّة ُ المَخائِلِ

فَطَرَّفُوا عَنِ العُلا بِأَذْرُعٍ
شابَتْ أَسابيَّ دَمٍ بِنائِلٍ

شَنُّوا عَلى الأعْداءِ غاراتِهِمُ
تَتْرى كَوَلْغِ الأَذْؤُبِ العَواسِلِ

وَكَمْ أَناخُوا الحَرْبَ وَهْيَ تَلْتَظي
على مُسِرِّ الضِّغْنِ، بِالكَلاكِلِ

وَقَدْ وَفَوْا إذْ ضَمِنُوا يَوْمَ الوَغى
رِيَّ القَنا لِلأَسلِ النَّواهِلِ

فهاشِمٌّ خَيْرُ بَني فِهْرٍ وَهُمْ
خَيْرُ الوَرى وَأَشْرَفُ القَبائِلِ

للهِ بَيْتٌ شَدَّ مِنْ أَطْنابِهِ
رَكْزُ القَنا في ثُغْرِ القَنابِلِ

عَبْدُ مَنافٍ ضُرِبَتْ أَوْتادُهُ
على طُلى الأَعداءِ وَالكَواهِلِ

هَلْ يَخْفِضُ السّادِرُ مِنْ هَديرِهِ
فَالمَجْدُ لا يَعبَقُ بِالأراذِلِ

كَمْ يُلْقِحُ الآمَالَ وَهْي تَرْعَوي
إليهِ في أَعْقابِ جَدٍّ حائِلِ

يُمْسي إذا اللَّيلُ ارجَحَنَّ ظِلُّهُ
في شُغُلٍ عَنِ الرُّقادِ شاغِلِ

وَإنْ أَضاءَ الصُّبْحُ زَرَّ صَدْرُهُ
على الجَوى مُرْتَعِدَ الخَصائِلِ

سَيَخْطِرُ الآبي على شَكِيِمِهِ
مِنْ زُبْرِ الحَديدِ في الخَلاخِلِ

وَدُونَ ما يُعْلي إلَيهِ طَرْفَهُ
عَيْطاءُ تُدمي قُدَمَ المُساجِلِ

يا خَيْرَ مَنْ تَفْتَرُّ كُلَّ شارِقٍ
عَنْ ذِكْرِهِ ضَمائِرُ المَحافِلِ

جاءَكَ شَهْرُ اللّهِ طَلْقَ المُجْتَلى
مُبَارَكَ الأَيّامِ وَالَّليائِلِ

يُهْدي لَكَ الأَجْرَ وَتَقْريهِ النَّدى
مِنْ نِعَمِ مُتْرَعَة ِ المَناهِلِ

فَلْيَرْعَ حَوْذانَ الغُمَيْرِ هَجْمَة ٌ
لِعامِرٍ طائِرَة ُ النَّسائِلِ

فَلي بِأَكْنافِ العِراقِ مَسْرَحٌ
رَحْبُ المُنَدّى أَرِجُ الخَمائِلِ

وَمِنْحَة ٌ ضافِيَة ٌ أَرْمي بِها
طَرْفيَ في إثر الغَمامِ الوابِلِ

وَأَسْتَدِرُّ صَوبَها بِمِدْحَة ٍ
تَغْرَى لَها الأسْنانُ بِالأنامِلِ

غَرّاءُ لو ذابَتْ لَصاغَتِ الدُّمى
منها حُلَى أَجْيادِها العَواطِلِ

وَلَوْ رَضِيتُ حَبَّرَتْ رُواتُها
بِها كَلامَ العَرَبِ الأوائِلِ