مراحكَ إنّهُ البرقُ اليماني - الأبيوردي

مراحكَ إنّهُ البرقُ اليماني
على عذبِ الحمى ملقى الجرانِ

تَطَلَّعَ مِنْ حَشى الظَّلْماءِ وَهْناً
خلوصَ النّارِ من طررِ الدُّخانِ

فلا تَلْعَبْ بِعِطْفَكِ مُسْتَنَيماً
إلى خُدَعٍ تَطورُ بِها الأَماني

فإنَّ وميضهُ قمنٌ بخلفٍ
كَما ابْتَسَمَتْ إلى الشُّمْطِ الغَواني

وَلا تَجْثِمْ بِمَدْرَجَة ِ الهُوَيْنَى
تُقَعْقِعُ لِلْنوائِبِ بِالْشِّنَانِ

إذا ذلَّتْ حياتكَ في مكانٍ
فمتْ لطلابٍ عزِّكَ في مكانِ

أبى لي أن أضامَ أبي ونفسي
وَرُمْحي وَالحُسامُ الهِنْدُواني

وَشُوسٌ في الذَّوائِبِ مِنْ قُرَيْشٍ
ذوو النَّخَواتِ وَالغُرَرِ الحِسانِ

وأموالٌ تخوَّنها هزالٌ
تبدَّد دونَ أعراضٍ سمانِ

إذا حَفَزَتْهُمُ الهَيْجاءُ لاذوا
بِأَطْرافِ المُثَقَّفَة ِ اللِّدانِ

وَطارَتْ كُلُّ سَلْهَبَة ٍ مِزاقِ
ببزَّة ِ كلِّ منتجبٍ هجانِ

يَقدوُّنَ الدُّروعَ بِمُرْهَفاتٍ
تُجَعْجِعُ بِالخَميسِ الأُدْجُوانِ

ويطوونَ الضُّلوعَ على طواها
ويأكلُ جارهمْ أنفَ الجفانِ

تَناوَشَهُمْ صُروفُ الدَّهْرِ حَتّى
أُتيحَ لَهُمْ بَنو عَبْدِ المَدانِ

زَعانِفُ لا يَزالُ لهمْ خَطيبٌ
غَداة َ الفَخْرِ مُسْتَرَقَ اللِّسانِ

يُروحُ إليهم النَّعَمُ المُنَدَّى
وقد عصفت بنا نوبُ الزَّمانِ

وَدَبَّتْ نَشْوَة ُ الخُيَلاءِ فيهمْ
دبيبَ النّارِ في سعفِ الإهانِ

وكيفَ يعزُّ شردمة ٌ لئامٌ
على صَفَحاتِهِمْ سِمَة ُ الهَوانِ

أراقبُ ليلة ً فيهم عماساً
تمخَّضُ لي بيومٍ أرونانِ

وَأَخْدَعُهُمْ ولي عَزْمٌ شُجاعٌ
بِمُخْتَلَقٍ مِنَ الكَلِمِ الجَبانِ

سأخبطهم بداهية ٍ نآدٍ
فليسَ لهمْ بنائِبَة ٍ يَدانِ

ولا حَسَبٌ يُقَدِّمُهُمْ ولكنْ
أَرى الأُنبوبَ قُدّامَ السِّنانِ

فإنَّ ضياءَ دينِ اللهِ جاري
عَشِيَّة َ تَلْتَقِي حَلَقُ البِطانِ

حذارِ فدونَ ما تسمو إليهِ
أسامة ُ، وهو مفترشُ اللَّبانِ

وإنَّ أخا أميَّة َ في ذراهُ
لكالنَّمريّ جارِ الزِّبرقانِ

لدى متوِّقدِ العزماتِ طلقِِ الـ
ـخَليقَة ِ وَالمُحَيّا وَالبَنانِ

له نِعَمٌ يُراحُ لَهُنَّ عافٍ
إلى نِقَمٍ يُهيبُ بِهِنَّ جانِ

وَفَيْضُ يَدٍ تُجَنُّ على سَماحٍ
وأخرى تَسْتَريحُ إلى طِعانِ

تَلوذُ بِحِقْوهِ أَيْدي الرَّعايا
لِياذَ المَضْرَحِيَّة ِ بِالرِّعَانِ

هنيئاً، والسُّعودُ لها دواعٍ
قُدومٌ تَسْتَطيلُ بِهِ التَّهاني

لأَرْوَعَ حَجَّ بَيْتَ اللّهِ، يَطْوي
إليهِ نِياطَ أَغْبَرَ صَحْصَحانِ

وَيَفْري بُرْدَة َ الظَّلْماءِ حَتّى
يَفيقَ الأَعْوجِيُّ مِنَ الحِرانِ

وَيُصْبِحُ كُلُّ ناجِيَة ٍ ذَمولٍ
بهادية ٍ كخوطِ الخيزرانِ

فلما شارفَ الحرمَ استنارت
بهِ سررُ الأباطحِ والمحاني

تساوى الشَّوطُ بينكما بشأوٍ
كأنَكما لَدَيْهِ الفَرْقَدانِ

فَشَيَّدَ مابَناهُ أَوَّلُوهُ
وروقُ شبابهِ في العنفوانِ

أتخطئهُ العلا ويدلُّ فيها
بعرقٍ من شيوخكَ غيرِ وانِ

جرى وجريتَ مستبقينِ حتّى
دنا طرفُ العنان منَ العنانِ