منِ الطَّوالعُ منْ نجدٍ تظلُّهمُ - الأبيوردي

منِ الطَّوالعُ منْ نجدٍ تظلُّهمُ
سمرُ القنا أنزاراً يدَّعونَ أبا؟

أرى سيوفهمُ بيضاً كأوجههمْ
فَما لأَعْيُنِهِمْ مُحْمَرَّة ً غَضَبا

أَجَلْ هُمُ عامِرٌ هَزَّتْهُمُ إِحَنٌ
واستصحبوا منْ سليمٍ غلمة ً نجبا

إذا الصَّريخُ دعا حلُّوا الحبا كرماً
وحَمْحَمَ الخَيْلُ فَاهْتَزُّوا لَها طَرَبا

يَحْمُونَ نَجْداً بِأَرْماحٍ مُثَقَّفَة ٍ
تحكي الأسنَّة ُ في أطرافها الشُّهبا

ورُبَّ آنسة ٍ في القومِ ما عرفتْ
سَبْياً، وَلَمْ تُبْدِ عَنْ خَلْخالِها هَرَبا

تُزيرُ عودَ البشامِ اللَّدنَ مكسرهُ
فماً تمجُّ عليهِ الخمرَ والضَّربا

ولا يحدِّثُ عنهُ غيرهُ أحدٌ
وقدْ حكى عنهُ ما أهوى فما كذبا

قالتْ لصحبي سرّاً إذْ رأتْ فرسي
منِ الَّذي يتقدَّى مهرهُ خببا

فقال أعلمهمُ بي: إنَّ والدهُ
منْ كانَ يجهدُ أخلافَ العلا حلبا

ما ماتَ حَتّى أَقَرَّ النّاس قاطِبَة ً
بِفَضْلِهِ، وَهْوَ أَعْلى خِنْدِفٍ نَسَبا

وذا غلامٌ بعيدٌ صيتهُ ولهُ
فصاحة ٌ وفعالٌ زيَّنَ الحسبا

وظلَّ ينشدها شعري ويُطربها
حتّى رأتهُ بذيلِ اللَّيلِ منتقبا

فودَّعتهُ وقالتْ: يا أخا مضرٍ
هذَا لَعَمْري كَلامٌ يُعْجِبُ العَرَبا

أَنا الّذِي وَطِئَتْ هامَ السُّها هِمَمِي
ولمْ يكنْ نسبي في الحيِّ مؤتشبا

لكِنَّني في زَمانٍ لا تَزالُ لَهُ
نكراءُ مرهوبة ٌ تغري بي النُّوبا

أَعُضُّ كَفِّيَ مِنْ غَيْظِي فَشِيمَتُهُ
أنْ يتبعَ الرَّأسَ منْ أبنائهِ الذَّنبا

وزفرة ٍ لمْ تسعها أضلعي علقتْ
بِغَضْبَة ٍ خِلْتُها بَيْنَ الحَشى لَهَبا

لأخمدنَّ لظاها منهمُ بدمٍ
يعومُ فيهِ غرارُ السَّيفِ مختضِبا