وَسَمَتكَ حاليَة ُ الرّبيعِ المُرْهِمِ - الشريف الرضي

وَسَمَتكَ حاليَة ُ الرّبيعِ المُرْهِمِ
وسقتك ساقية الغمام المُرزِم

وغدت عليك من الحيا بمودع
لا عن قلى ومن الندى بمسلم

قد كنت أعذل قبل موتك من بكى
فاليوم لي عجب من المتبسم

وأذود دمعي أن يبل محاجري
فَاليَوْمَ أُعْلِمُهُ بِمَا لَمْ يَعْلَمِ

لا قُلْتُ بَعدَكَ للمَدامِعِ كَفكِفي
مِنْ عَبرَة ٍ وَلَوَ أنّ دَمعي مِن دَمي

إن ابن موسى والبقاء إلى مدى ً
أعطى القياد بمارن لم يخطم

ومضى رحيض الثوب غير مدنسٍ
وقضى نقيّ العود غير موصّم

وَحَمَاهُ أبيَضُ عِرْضِهِ وَثَنَائِهِ
ضَمُّ اليَدَينِ إلى بَيَاضِ الدّرْهَمِ

وغنى عن الدنيا وكان شجى ً لها
إنّ الغَنيّ قَذًى لطَرْفِ المُعدِمِ

مَلأ الزّمَانَ مَنَائِحاً وَجَرَائِحاً
خَبَطاً بِبُؤسَى في الرّجَلِ وَأنعُمِ

وَاستَخدَمَ الأيّامَ في أوْطَارِهِ
فَبَلَغْنَ أبْعَدَ غَايَة ِ المُستَخدَمِ

اليَوْمَ أغمَدْتُ المُهَنّدَ في الثّرَى
ودفنت هضب مُتالع ويلملم

وغدت عرانين العلى واكفها
من بين أجدع بعده أو أجذم

مُتَبَلِّجٌ كَرَماً إذا سُئِلَ الجَدا
مَطَرَ النّدَى أَمَماً، وَلمْ يَتَغَيّمِ

جذلان تُطلع منه أندية العلى
وَجْهاً كَرِيمَ الخَدّ غَيرَ مُلَطَّمِ

يرمي المغارم بالتلاد وينثني
ثَلِجَ الضّمِيرِ، كَأنّهُ لمْ يُغْرَمِ

الوَاهِبَ النّعَمَ الجَرَاجِرَ عَادَة ً
من ذي يدين إذا سخا لم يندم

جاءَت بها حمر الربيع مشيدة
حَمرَاءَ تَحسَبُهَا عُرُوقَ العَندَمِ

مُتَبَقِّلاتٍ بِاللّدِيدِ وَرَامَة ٍ
بَينَ القَنَا المَنْزُوعِ وَالمُتَلَهْذِمِ

بيديْ أغرّ يردّ ألوية القنا
غِبَّ الوَقائعِ، يُعتَصَرْنَ مِنَ الدّمِ

ويقول للنّفس الكريمة سلّمي
يوم اللقاء ولا يقول لها أسلمي

هتف الحمام به فكان وَصاتَه
بَذْلُ الرّغائِبِ وَاحِتمَالُ المَغرَمِ

هل يورث الرّجلُ الكريم إذا مضى
إلاّ بَوَاقيَ مِنْ عُلًى وَتَكَرُّمِ

يأبى الندى ترك الثّراء على الفتى
ويقلّ ميراثُ الجواد المنعم

ملأت فضائلك البلاد ونقّبت
في الأرْضِ يَقذِفُها الخَبِيرُ إلى العَمي

فكَأنّ مَجدَكَ بَارِقٌ في مُزْنَة ٍ
قِبَلَ العُيُونِ، وَغُرّة ٌ في أدْهَم

أَنعاك للخيل المغيرة شزّباً
خَبَطَ المَغَارَ بهِنّ مَنْ لمْ يُجْرِمِ

كالسّرْبِ أوْجَسَ نَبأة ً مِنْ قانِصٍ
فَمَضَى يَلُفّ مُؤخَّراً بِمُقَدَّمِ

واليوم مقذٍ للعيون بنقعه
لا يهتدي فيه البنان إلى الفم

لمْ يَبقَ غَيرُ شَفَافَة ٍ مِنْ شَمْسِهِ
كمضيق وجه الفارس المتلثّم

من خائض غمر الدّماء يبله
بَلَّ النّدَى مَطَرَ القَنَا المُتَحَطِّمِ

أوْ نَاقِشٍ مِنْ جِلْدِهِ شَوْكَ القَنَا
عن كلّ فاغرة كشدق الأعلم

أو مفلت حُمة َ السنان نجت به
روعاءُ لا تدعُ العذار لملجم

يَنْزُو بِهِ الفَرْعُ الكَذُوبُ وَيَتّقي
مُرَّ الحَدِيثِ بكُلّ يَوْمٍ أيْوَمِ

وَيَرُوعُهُ وَصْفُ الشّجَاعِ لطَعْنَة ٍ
من ذابل أو ضربة من مخذم

حتّى يَظُنّ الصّبْحَ سَيفاً مُنْتَضًى
أهوى إليه مع الكميّ المعلم

وَمُقَاوِمٍ عَرَضَ الكَلامُ بُرُودَهُ
فيهِنّ بَينَ مُعَضَّدٍ وَمُسَهَّمٍ

أغْضَى لهَا المُتَشَدّقُونَ وَسَلّمُوا
لهدير شقشقة الفنيق المقرم

بالرّأي تقبله العقول ضرورة ً
عند النّوائب لا بكيف ولا لِمِ

حَمَلَ العَظَائِمَ وَالمَغَارِمَ نَاهِضاً
ومضى على وضح الطريقِ الأقوم

حتى إذا أرمى الجذابُ ملاطه
وَأوَى الزّمَامُ لأِنْفِهِ وَالمَلْطَمِ

طرح الوسوق فلم يدع من بعده
عِنْدَ العَظِيمَة ِ حَامِلاً للمُعْظَمِ

كالنِّقضِ قد عَرَكَ الدُّؤوبُ صِفاحَه
عَرْكَ الضّبَاعِ مِنَ العِنانِ المُؤدِمِ

رَقَدَ المُلُوكُ بِحَزْمِ أبْلَجَ رَأيُهُ
فلقٌ لعاشية العقول النوّم

تَنْفَضّ عَنْهُ النّائِبَاتُ كَأنّهَا
وَبَرُ المُوَقَّعِ نَشّ تَحتَ المِيسَمِ

كانُوا إذا قَعَدَ البِكَارُ بِثِقْلِهِمْ
قالوا لذا العَوْدِ الجُلالِ: تَقَدّمِ

عَمْرِي لقَد قَذَفوا الكُرُوبَ بفارجٍ
مِنهُ وَقد رَجَموا الخُطوبَ بمِرْجَمِ

فَكَأنّمَا قَرَعُوا القَنَا بعُتَيْبَة ٍ
ولقوا العدا بربيعة بن مكدم

رَقّاءُ أضْغَانٍ يَسُلّ شَبَاتَهَا
حتّى يغير طبع سمّ الأرقم

سبع وتسعون اهتبلن لك العدا
حتى مضوا وغبرت غير مذمم

لم يلحقوا فيها بشأوك بعد ما
أمَلُوا، فَعاقَهُمُ اعترَاضُ الأزْلَمِ

إلاَّ بقايا من غبارك أصبحت
غصصاً وإقذاءً لعين أو فم

إنْ يَتْبَعُوا عَقِبَيكَ في طَلَبِ العُلى
فالذّئْبُ يَعسُلُ في طَرِيقِ الضّيغَمِ

هل من أبٍ كأَبي لجرح ملمة
أعْيَا، وَشَعْبِ عَظيمَة ٍ لمْ يُلأَمِ

إنّ الخُطُوبَ الطّارِقَاتِ فَجَعْنَنَا
بحمى الأبيّ وجُنة المستلئم

بِمُمَهَّلٍ في الغَابِرِينَ مُؤخَّرٍ
وَمُحَفَّزٍ في السّابِقِينَ مُقَدَّمِ

الطاهر ابن الطاهرين ومن يكن
لأَب إلى جذم النبوة يعظم

من معشر اتخذوا المكارم طعمة
وَرُوُوا مِنَ الشّرَفِ الأعَزّ الأقدَمِ

من جائدٍ أو ذائدٍ أو عاقرٍ
أو ماطرٍ أو منعمٍ أو مرغم

وفروا على المجد المشيد همومهم
وتهاونوا بالنائل المتهدم

عيصٌ ألفّ تقابلت شعباته
في المَجْدِ، شَجْرَ مُقَوَّمٍ لمُقَوَّمِ

يتعاورون المكرمات ولادة
من بين جدٍ في المكارم وابنم

قد قلت للحساد حين تقارضوا
حرق القلوب جوى ً وحرق الأرّم

لا تحسدوا المترادفين على العلى
والغالبين على السنام الأكوم

وَالطّاعِنينَ بِكُلّ جَدٍّ مِدْعَسٍ
والماطرين بكل نيل مرزم

لكم الفضول إذا تكون وقيعة
أوْ غارَة ٌ، وَلَهُمْ صَفِيّ المَغْنَمِ

عَطِرُونَ ما لأنُوفِكُمْ من طيبِهِمْ
بَينَ المَجَامِعِ غَيرَ شَمّ المَرْغَمِ

يتساندون إلى على ً عادية
ومكارمٍ قدمٍ ومجدٍ قشعم

مُتَزَيّدِينَ إلى السّؤالِ، وَعِندَكُمْ
أُمُّ العَظَاءِ، مُفِذّة ً لَمْ تُتْئِمِ

فتعلقوا عجب المذلة واتركوا
رفع العيون إلى البناءِ الأعظم

تلك الأسود فمن يجرّ فريسها
أمْ مَنْ يَمُرّ بِغَابِهَا المُتَأجِّمِ

حُطّتْ بِأطْرَافِ البِلادِ قُبُورُهُمْ
رقم النجوم سقوف ليل مظلم

وكفاك من شرف القبيل بأن ترى
بدد القبور لمنجد أو متهم

عُدّوا جِبَالاً للعَلاء، وَإنْ غَدَوْا
أمشَاجَ مَجْدٍ في رَمَائِمِ أعْظُمِ

وَضَعَتْ بتِلْكَ صَفايحاً وَضَرَايحاً
أثْقَالَ أوْطَفَ بالرُّعُودِ مُزَمزِمِ

وَسَقَتْ ثَرَاهنّ الدّمُوعُ مُرِشّة ً
فَغَنِينَ عَنْ قَطْرِ الغَمَائِمِ وَالسُّميّ

جَدَثّ بِبَابِلَ أُشْرِجَتْ رُجُمَاتُهُ
طبقاً على مطر النّدى المتهزم

ضمن السماحة في ملاث أزاره
وَالمَجْدَ في نُوّارِهِ المُتَكَمِّمِ

لا تَحْسَبَنْ جَدَثاً طَوَاهُ ضَرِيحُهُ
قَبراً، فَذاكَ مَغَارُ بَعضِ الأنْجُمِ

أعريت ظهري للعدا ولو اتقى
بزهاء مزدحم العديد عرمرم

وكشفت للأيام عورة مقتلي
حتى رددن عليَّ بعدك أسهمي

قَدْ كُنتَ مَا بَيني وَبَينَ سِهَامِهَا
فاليوم لا يخبطن شاكلة الرّمي

هَلْ تَسمَعَنّ مِنَ الزّمَانِ ظُلامَتي
فِيمَا جَنَى ، وَإلى الزّمَانِ تَظَلُّمي

قل للنوائب لا أقيلك عثرة
فتشزني لوقائعي واستسلمي

لا تَصْفَحَنّ عَنِ المُلِمّ إذا جَنَى
وإذا المضارب أمكنتك فصمم

فالغمر من ترك الجزاء على الأَذى
وَأقَامَ يَنْظُرُ عُذْرَة ً مِنْ مُجرِمِ

ومحوكة كالدرع أحكم سردها
صنع فافصح في الزّمان الأعجم

عضلتها زمناً لأطلب كفؤها
وَزَفَفْتُهَا لكَ نِعْمَ بَعْلُ الأيّمِ

إنّي نزلت وكنت غير مذلل
بيت المهان وأنت عين المكرم