نُصَافي المَعَالي، وَالزّمانُ مُعانِدُ - الشريف الرضي

نُصَافي المَعَالي، وَالزّمانُ مُعانِدُ
وَنَنْهَضُ بِالآمَالِ، وَالجَدُّ قَاعِدُ

تَمُرّ بِنَا الأيّامُ غَيْرَ رَوَاجِعٍ
كما صافحت مر السيول الجلامد

وَتُمْكِنُنَا مِنَ مائِهَا كُلُّ مُزْنَة ٍ
وتمنعنا فضل السحاب المزاود

وما مرضت لي في المطالب همة
واحداثه في كل يوم عوائد

عوائد همٍ لا يحيين غبطة
بهن ولا تلقى لهن الوسائد

ولله ليل يملأُ القلب هوله
وَقَدْ قَلِقَتْ بالنّائِمِينَ المَرَاقِدُ

يقر بعيني ان ارى ارض بابل
تخوض مغانيها الجياد المذاود

وَأسْحَبُ فيها بُرْدَ جَذلانَ شامِتٍ
اذا شاءَ غنته الرقاق البوارد

سللنا رقاب العيس من خلل الدجى
تلاعبها اشطانها والمقاود

وَقَدْ حَفّ بالبَدْرِ النّجُومُ كأنّهُ
هديٌ تهاداه الاماء الولائد

وفي اعين القوم انضمام من الكرى
وَطَرْفُا لسُّرَى بَينَ الأزِمّة ِ شَاهِدُ

فمضطرب في غرزة مترنح
وَآخَرُ مَكبُوبٌ على الرّحلِ ساجِدُ

وغائرة قد وقر النوم لحظها
تسفه جفنيها الهموم العوائد

تَقُودُ جِيَاداً ما اتُّهِمْنَ على مَدًى
بلى ربما ارتابت بهن الاوابد

إذا جَالَ في أشداقِها الظِّمْءُ قلّصَتْ
لها الارض وانقادت اليها الموارد

أبَحْنَا لها تَقْتَضّ مِنْ عُذَرِ الرُّبَى
فكَرّتْ عَلَيها بالعَجَاجِ الفَدافِدُ

طَرَائِق بِيدٍ يَعسُلُ الآلُ بَيْنَهَا
كما اضطرب السرحان والليل بارد

هَجَمنا عَلى غَوْلِ الطّرِيقِ وَبُعْدِهِ
وَمَا رَكَضَتْ فيه الرّياحُ الصّوَارِدُ

أأُرْسِلُ خَيلَ اللّحظِ في طَلَبِ الهوَى
وَمِنْ ظَنّهَا أنّ الخُدُودَ طَرَائِدُ

ولي شغل في طالب ضل قصده
أُسَائِلُ عَنهُ مَا يَقُولُ المَقَاصِدُ

أقُولُ لِدَهْرٍ تَاهَ إذْ صِيدَ لَيْثُهُ:
كذاك يصاد الليث والليث راقد

اثلم هذا النصل بالضرب ضارب
وزعزع هذا الطود بالوطء صاعد

تعز فما كل المصائب قادم
عَلَيكَ، وَلا كُلّ النّوَائِبِ عَائِدُ

ينال الفتى من دهره قدر نفسه
وَتَأتي عَلى قَدْرِ الرّجَالِ المَكَايِدُ

فِدًى لكَ يا مَجدَ المَعالي وَبَأسهَا
فعال جبان شجعته الحقائد

فَمَا تَرَكَتْ منكَ الصّوَارِمُ وَالقَنَا
وَلا أخَذَتْ مِنكَ الحِسَانُ الخَرَائِدُ

عُزِلْتَ وَلَكِنْ ما عُزِلتَ عنِ النّدى
وجودك في جيد العلى لك شاهد

بوَجهِكَ مَاءُ العزّ في العَزْلِ ذائِبٌ
ووجه الذي ولي من الماء جامد

فانت ترجي الملك وهو زواله
بغير جلاد فيه وهو مجالد

فلا يَفرَحِ الأعداءُ فالغَزْلُ مَعرِضٌ
اذا راح عنه صادر جاء وارد

وَما كُنتَ إلاّ السّيفَ يَمضِي ذُبابُهُ
ولا ينصر العلياء من لا يجالد

نضي فقصى حق الضرائب في الوغى
وَأثْنَتْ عَلَيْهِ حِينَ رُدّ المَغَامِدُ

فأعطَوْا عِنَانَ الضّرّ غَيرَكَ إذْ رَأوْا
يَمِينَكَ تَسْتَوْلي عَلَيْهَا الفَوَائِدُ

وما كنت يوماً في الزمان بممسك
عرى المال ان ضجت اليك المواعد

وَلا كنتَ تَرْضَى أنْ تَصِحّ بِبَلْدَة ٍ
اذا قيل عضو من زمانك فاسد

أيَا غُدْوَة ً سَاءَ الحُسَينَ صَبَاحُها
وسر العدى فيها الزمان المعاند

لحققت عندي ان كل صبيحة
مجاجة سم والليالي اساود

يُعَرّفُكَ الإخْوَانُ كُلٌّ بِنَفْسِهِ
وخير اخ من عرفتك الشدايد

وطاغ يعير البغي غرب لسانه
وليس له عن جانب الدين ذائد

شَنَنْتَ عَلَيْهِ الحَقّ حَتّى رَدَدْتَهُ
صَمُوتاً، وَفي أنْيَابِهِ القَوْلُ رَاقِدُ

يَدِلّ بِغَيرِ اللَّهِ عَضْداً وَناصِراً
وَناصُرُكَ الرّحمَنُ، وَالمَجدُ عاضِدُ

تُعَيِّرُ رَبّ الخَيرِ بَالي عِظَامِهِ
الا نزهت تلك العظام البوائد

وَلَكِنْ رَأى سَبّ النّبيّ غَنيمَة ً
وَمَا حَوْلَهُ إلاّ مُرِيبٌ وَجَاحِدُ

وَلَوْ كانَ بَينَ الفاطِمِيّينَ رَفْرَفَتْ
عليه العوالي والظبي السواعد

ألا إنّ جَدبَ الحِلمِ عندَكَ مُخصِبٌ
وان لئيم المجد عندك رافد

ضجرت من العلياء فاخترت عزلها
كانك قد افنت نداك المحامد

تَرَكْتَ قَلُوصاً بالفَلاة ِ وَوَحْشَها
تجاذبه عن نفسه وتراود

ستذكرك الارماح وهي قوارب
وَلَيسَ لهَا إلاّ القُلُوبُ مَوَارِدُ

حوَى المجدَ يا قيسَ بنَ عَيلانَ ماجدٌ
وَجَلّ، فَمَا يُلْقَى لَهُ فيهِ حَاسِدُ

فَتًى يَحتَوِي أرْماحَكمْ، وَهوَ صَارِمٌ
وَيُسرِي جُيُوشاً نحوَكمْ، وَهوَ وَاحِدُ

ويوم عويث والسيوف بوارق
تظل المنايا والقسي رواعد

رَدَدْتَهُمُ، وَالسُّمرُ بَينَ ظهورِهمْ
تعقل فيه الموت والموت شارد

وَقَدْ خَلَقَتْ فيها عُيوناً قَرِيحَة ً
يَنَامُونَ عُمرَ اللّيلِ، وَهيَ سَوَاهِدُ

أسِنّة ُ فِهْرٍ في صُدُورِ جِيَادِهِمْ
كان قناها للجياد مقاود

هم ذخروا اعمارهم لسيوفه
فأوْلى لهَا وَالحَرْبُ عَذرَاءُ نَاهِدُ

رَأيْتُ فَيَافي تَقتَضِي هَبَوَاتِهِ
وَتَرْغَبُ أرْسَاغَ الجِيَادِ القَوَادِدِ

مدى يمخض الاشواط حتى يعيدها
ولا زبدة الا الجواد المجاود

لَنِعْمَ حَرِيمُ العَزْمِ أنْتَ وَثَغْرُهُ
اذا رجح الرأي الالد المجالد

الست من القوم الذين اذا سطوا
تَبَرّى مِنَ التّاجِ العَظِيمُ المُعَاقِدُ

سِياطُهُمُ بِيضُ الظُّبَى وَسُجونُهمْ
إذا غَضِبُوا دونَ العَلاءِ المَلاحِدُ

رِقَابُ العِدَى وَالعِيسُ فيهمْ ذَليلَة ٌ
وَللبِيضِ ما نِيطَتْ عَلَيهِ القَلائِدُ

يُعَشّشُ طَيرُ الخضْبِ في حُجُرَاتهمْ
وتعقل منهن البيوت الشوارد

وما والد مثل ابن موسى لمولد
قَرِيبٍ تَجَافَاهُ الرّجَالُ الأبَاعِدُ

حمى الحج واحتل المظالم رتبة
على ان ريعان النقابة زائد

فاقبل والدنيا مشوق وشايق
وَأعرَضَ، وَالدّنْيَا طَرِيدٌ وَطَارِدُ

وَسَاعَدَهُ، يَوْمَ استَقَلّ رِكَابَهُ
أخُوهُ، وَقالَ البَينُ: نِعْمَ المُسَاعِدُ

هما صبرا والحق يركب راسه
عشية زالت بالفروع القواعد

تَفَرّدَ بِالعَلْيَاءِ عَنْ أهْلِ بَيْتِهِ
وَكُلٌّ يُهَادِيهِ إلى المَجْدِ وَالِدُ

وَتَختَلِفُ الآمَالُ في ثَمَرَاتِهَا
اذا اشرقت بالري والماء واحد

ومد على الجوزاء اطناب منزل
يَلُوذُ بحَقْوَيْهِ السُّهَا وَالفَرَاقِدُ

فقرٌ لنيران البوارق مصطل
وظمء لاحواض الغمائم وارد

احق بلاد الله بالمزن ارضه
اذا شام اقصى خطره البرق رائد

كاني به والعز ينضو همومه
وقد خضعت تلك الخطوب النواكد

اعاد اليه الله ماضي سروره
وَرَدّ اللّيَالي وَهيَ بِيضٌ أمَاجِدُ

مُنِيتَ بشَوْقٍ يَنحَرُ الدّمعَ سَيفُهُ
اذا حادثته بالصقال المعاهد

أآلَ هُذَيْمٍ هَلْ تَقَرُّ قُلُوبُكُمْ
وقلب بن عدنان على الدهر واجد

إذا جَحَدُوا نُعمَاكَ لَوّتْ رِقابَهُمْ
لمنك اطواق بها وقلائد

وَلا زَالَتِ الأسيَافُ تَسبي حَرِيمَهمْ
وَتَسبي حَرِيمَ المَالِ مِنكَ القَصَائِدُ