لَيْتَ الخَيالَ فَرِيسَة ً لِرُقَادِي - الشريف الرضي

لَيْتَ الخَيالَ فَرِيسَة ً لِرُقَادِي
يدنو بطيفك عن نوى وبعاد

ولقد اطلت الى سلوّك شقتي
وَجعلتُ هَجرَكِ وَالتجَنّبَ زَادِي

أهْوِنْ بِما حَمّلتِنِيهِ منَ الضّنى
لَوْ أنّ طَيفَكِ كانَ مِنْ عُوّادِي

وَلَقَلّمَا نَزَلَ الخَيَالُ بمُقْلَة ٍ
روعاء نافرة بغير رقاد

ما تَلتَقي الأجفانُ منها سَاعَة ً
وَإذا التَقَتْ فَلِغَضّ دَمْعٍ بَادِ

لا يَبْعَدَنْ قَلْبي الذي خَلّفْتُهُ
وَقْفاً عَلى الإتْهَامِ وَالإنْجادِ

إنّ الذي عَمَرَ الرّقادَ وِسَادَة ً
لم يدر كيف بنا عليَّ وساد

لا زال جيب الليل منفصم العرى
عن كل اوطف مبرق مرعاد

يسقى منازل عاث فيهن البلى
مِنْ أنْ يُرَاقَ عَلى يَدي بِأبَادِ

وَإذا الرّيَاحُ تَبَوّعَتْ، فصُدورُها
لعناق حاضر ارضكم والبادي

ولقد بعثت من الدموع اليكم
بركائب ومن الزفير بحاد

إنّي متى استَنجدتُ سِرْبَ مَدامعٍ
خذلته اسراب الفراق العادي

لولا هواك لما ذللت وانما
عِزّي يُعَيّرُني بِذُلّ فُؤادِي

ما للزمان يذودني عن مطلبي
وَيُرِيغُني عَن طارِفي وَتِلادِي

يحنو عليَّ اذا اقمت كانني
الاسرار في احشاء كل بلاد

عادات هذا الناس ذم مفضل
وملام مقدام وعذل جواد

وَلَقَدْ عَجِبتُ، وَلا عَجيبٌ أنّهُ
كل الورى للفاضلين اعادي

وارى زماني يستلين عريكتي
وارى عدوي يستحر عنادي

اتظنني القي اليك يداً وما
بيني وبينك غير ضرب الهادي

اسعى لكل عظيمة فانالها
عَزْماً يَفُوتُ هَوَاجِسَ الحُسّادِ

عَزْماً قَوِيّاً لا يُشَاوِرُ رِقْبَة ً
للخطب في الاصدار والايراد

مَا زَالَ يَشهَدُ لي إذا استَنطَقتُهُ
بالجُودِ في لَيلي، لِسَانُ زِنَادِي

إنّي لَتَحقُنُ ماءَ وَجهي هِمّتي
من ان يراق على يدي باياد

مِمّا يُقَلّلُ رَغْبَتي أنّي أرَى
صَفَدي ببَذلِ المالِ مثلَ صِفادِي

والمال اهون مطلباً من ان ارى
ضَرِعاً أُرَامي دُونَهُ وَأُرَادِي

ومناضل عثرت به احسابه
في مسلك وعر من الاجداد

خَلّقتُ عُرْفَ جَوَادِهِ بنَجيعِهِ
وَالسّبقُ في طَلَقِ الرّدى لجَوَادِي

وَلَرُبّ يَوْمٍ غَضّة ٍ أطْرَافُهُ
صُقِلَتْ بخَطوِ رَوَائحٍ وَغَوَادِي

يوم اراق دم الغمام على السرى
بظُبًى مِنَ الإيماضِ غَيرِ حِدادِ

وَلِغُرّة ِ الجَوّ الرّقيقِ أسِرّة ٌ
يلمعن من قطع السحاب الغادي

جاذبته صافي اديم هجيره
وَاليَعمَلاتُ شَوَاحبُ الأعضَادِ

في فِتْيَة ٍ سَلَبُوا النّهَارَ ضياءَهُ
وَرَمَوْا بَيَاضَ جَبِيِنِه بِسَوَادِ

وَحشَواْ حَشا الظّلماءِ ملءَ جنانها
حتى تصدع بالصديع البادي

وكانما بيض النجوم فواقع
في زَاخِرٍ مُتَتَابِعِ الإزْبَادِ

نالوا على قدر الرجاء وانما
يروى على قدر الاوام الصادي

قَوْمٌ إذا قَرَعُوا زُنُوداً للقِرَى
سَتَرُوا فُرُوجَ النّارِ بالوُرّادِ

ما ضل في قلب امرءٍ امل سرى
إلاّ وَجُودُهُمُ الهُدَى وَالهَادِي

طُنُبٌ يُعَثّرْنَ الخُطوبَ، وَباحَة ٌ
مَمْنُوعَة ٌ إلاّ مِنَ الرُّوّادِ

سَحَبُوا أنَابيبَ القَنَا، فكأنّمَا
سَحَبُوا بهِنّ حَوَاشِيَ الأبْرَادِ

يَزْجُرْنَ جُرْداً لا تُقِرّ على الثّرَى
مرحا كان الترب شوك قتاد

من كل تلعاء المناكب جيدها
يغني عن القربوص يوم طراد

ضرَبوا قِبابَ البِيضِ فوْقَ مفارِقٍ
اطنابها شرع القنا المياد

ذبل يهذّ بها الطعان وانها
تَزْدادُ جَهْلاً كُلّ يَوْمِ جِلادِ

يحمِلنَ عبْءَ الموْتِ وَهيَ خفايفٌ
في الطعن بين جناجن وهواد

هُمْ أنشَبُوا قِصَدَ القَنا من وَائِلٍ
من حيث نار الحقد في ايقاد

وَلَغُوا بوَقْعِ حَوَافِرٍ في مأزِقٍ
مَلأوا بهِنّ مَسامِعَ الأصْلادِ

نَجْبٌ نَفَضْنَ لهُ الفَرَائصَ خيفة ً
تحتَ العَرِينِ، بَرَاثِنُ الآسَادِ

لبست له الحرب المشوبة قبلة ً
وتعودت منه صدور صعاد

وَلَدَتْ وُجوهُهمُ العجاجة َ طلعة ً
وظبى السيوف ثواكل الاغماد

مِنْ كلّ نَصْلٍ أضْمَرَتْ أحشَاؤهُ الـ
أرْوَاحَ وَهوَ حشًى بغَيرِ فُؤادِ

الخيل ترتشف الصعيد بسورها
طَرْداً، وَتَلفِظُهُ عَلى الأكْتَادِ

اقبلن مثل السيل صوّب عنقه
نشز العقاب الى قرار الوادي

وَتَكادُ تَمسَحُ من دِماءِ جِرَاحها
اثار ما نقشت على الاطواد

ترجيع قعقعة الشكيم اذا سرت
لِعُداتِهَا، بَدَلٌ مِنَ الإيعَادِ

يَوْمٌ كأنّ الأرْضَ فيهِ عانَقَتْ
صَدْرَ السّماءِ بعارِضٍ مُنقَادِ

وَيكادُ جامحُهُ يُثَقِّفُ في الطُّلَى
بالطعن اطراف القنا المنآد

وَكأنّهُنّ، إذا انحَنَينَ، رَوَاكِعٌ
صلت الى قبل من الاكباد

وشققن اردية الضغائن بالردى
من بَعدِ ما شَمَلَتْ قلوبَ إيَادِ

ان يسلبوا ضافي الدروع فانهم
كاسون من علق دروع جساد

رَجَعَ الضّرَابُ رِجالَهُمْ بعَمائمٍ
محمرة ونساهم بحداد

لا ينقضون بنى الحقود كأنما
شيدت طلوعهم على الاحقاد

مُهَجٌ كأُنبُوبِ اليَرَاعِ، إذا عَدَا
روع وعند المطمعات عوادي

كادَتْ تَطِيرُ مخافَة ً لَوْ لمْ تَكُنْ
مِنْ شُرّعِ الأرْمَاحِ في أسْدَادِ

بَلَغَتْ لَنَا الأرْماحُ كُلَّ طَماعة ٍ
وحوت لنا الاسياف كل مراد

انا خل كل فتى اذا ايقظته
ايقظت كالنضاض أو كالعادي

ألِفَ الحُسامَ، فَلَوْ دَعَاهُ لغارَة ٍ
عجلان صاحبه بغير نجاد

كفاه تصديها الدماء من القنا
طَوْراً، وَيَصْقُلُها النّدى في النّادِي

ان جاد اقنى المعسرين وان سطى
افنى القنى بمواير الفرصاد

من مبلغ الشعراء عني ان لي
قول الفحول ونجدة الانجاد

قد كان هذا الشعر ينزع في الدنا
عنهم فكان عقالة ميلادي