لاي حبيب يحسن الرأي والودُّ - الشريف الرضي

لاي حبيب يحسن الرأي والودُّ
وَأكثَرُ هذا النّاسِ لَيسَ لَهُ عَهْدُ

ارى ذمي الايام ما لا يضرها
فهل دافع عني نوائبها الحمدُ

وما هذه الدنيا لنا بمطيعة
وليس لخلق من مداراتها بدُّ

تحوز المعالي والعبيد لعاجز
ويخدم فيها نفسه البطل الفردُ

اكل قريب لي بعيد بوده
وكل صديق بين اضلعه حقدُ

ولله قلب لا يبلُّ غليلهُ
وِصَالٌ، وَلا يُلهيهِ عَنْ خِلّهِ وَعْدُ

يُكَلّفُني أنْ أطْلُبَ العِزَّ بالمُنى
واين العلى ان لم يساعدني الجد

احن وما اهواه رمح وصارم
وَسابِغَة ٌ زُغْفٌ، وَذو مَيعَة ٍ نَهْدُ

فَيا ليَ مِنْ قَلْبٍ مُعنًّى بهِ الحَشَا
وَيا ليَ مِنْ دَمْعٍ قَرِيحٍ بِهِ الخَدّ

أُرِيدُ مِنَ الأيّامِ كُلَّ عَظِيمَة ٍ
ومابين اضلاعي لها اسد ورد

وَلَيسَ فتًى مَن عاقَ عن حَملِ سيفه
إسَارٌ، وَحَلاّهُ عَنِ الطّلبِ القِدّ

اذا كان لا يمضي الحسام بنفسه
فللضارب الماضي بقائمة الحد

وَحَوْليَ مِنْ هَذا الأنَامِ عِصَابَة ٌ
توددها يخفى واضغانها تبدو

يٍسِرّ الفَتى دَهْرٌ، وَقَدْ كانَ ساءه
وَتَخدُمُهُ الأيّامُ، وَهوَ لهَا عَبْدُ

وَلا مَالَ إلاّ مَا كَسَبتَ بنَيلِهِ
ثناء ولا مال لمن لا له مجد

وما العيش الا تصاحب فتية
طواعن لا يعنيهم النحس والسعد

إذا طَرِبُوا يَوْماً إلى العِزّ شَمّرُوا
وان ندبوا يوماً الى غارة جدوا

وَكَمْ ليَ في يَوْمِ الثّوِيّة ِ رَقْدَة ٌ
يضاجعني فيها المهند والغمد

إذا طَلَبَ الأعداءُ إثْرِي بِبَلْدَة ٍ
نجَوْتُ وَقَدْ غَطّى عَلى أثَرِي البُرْدُ

وَلَوْ شَاءَ رُمْحي سَدّ كُلّ ثَنِيّة ٍ
تُطَالِعُني فيهَا المَغَاوِيرُ وَالجُرْدُ

نصلنا على الاكوار من عجز ليلة
تَرَامَى بنا في صَدْرِها القُورُ وَالوَهدُ

طَرَدْنَا إلَيها خُفّ كُلّ نَجيبَة ٍ
عليها غلام لا يمارسه الوجد

وَدُسْنا بأيدِي العِيسِ لَيْلاً، كأنّما
تشابه في ظلمائه الشيب والمرد

الا ليت شعري هل تبلغني المنى
وتلقى بي الاعداء احصنة جرد

جواد وقد سد الغبار فروجها
تروح الى طعن القبائل أو تغدوا

خِفَافٌ عَلى إثْرِ الطّرِيدَة ِ في الفَلا
إذا ماجَتِ الرّمضَاءُ وَاختَلَطَ الطّرْدُ

كَأنّ نجُومَ اللّيْلِ، تحتَ سُرُوجِها
تَهَاوَى على الظّلمَاءِ وَاللّيلُ مُسوَدّ

يعيد عليها الطعن كل بن همة
كأن دم الاعداء في فمه شهد

يضارب حتى ما لصارمه قوى
ويطعن حتى ما لذابله جهد

تَغَرّبَ لا مُستَحْقِباً غَيرَ قُوتِهِ
وَلا قَائِلاً إلاّ لِمَا يَهَبُ المَجْدُ

وَلا خَائِفاً إلاّ جَرِيرَة َ رُمْحِهِ
وَلا طَالِباً إلاّ الذي تَطلُبُ الأُسدُ

إذا عَرَبيٌّ لَمْ يَكُنْ مثلَ سَيفِهِ
مَضَاءً عَلى الأعْداءِ أنْكَرَهُ الجَدّ

وَما ضَاقَ عَنهُ كلُّ شَرْقٍ وَمَغرِبٍ
من الارض الا ضاق عن نفسه الجلد

إذا قَلّ مالُ المَرْءِ قَلّ صَدِيقُهُ
وَفَارَقَهُ ذاكَ التّحَنّنُ وَالوُدّ

واصبح يغضي الطرف عن كل منظر
أنِيقٍ وَبُلْهِيهِ التّغَرّبُ وَالبُعْدُ

فمالي وللايام ارضى بجورها
وتعلم اني لا جبان ولا وغد

تغاضى عيون الناس عني مهابة
كما تتقي شمس الضحى الاعين الرمد

تخَطّتْ بيَ الكُثْبَانَ جَرْداءُ شَطبَة ٌ
فَلا الرّعيُ دانٍ من خُطاها وَلا الوِرْدُ

تدافع رجلاها يديها عن الفلا
إلى حَيثُ يُنمَى العِزّ وَالجَدّ وَالجِدّ

فجاءتك ورهاء العنان بفارس
تَلَفّتَ حتّى غابَ عَنْ عَيْنِهِ نجدُ

وَمِثلُكَ مَن لا تُوحشُ الرّكبَ دارُه
وَلا نازِلٌ عَنها إذا نزَلَ الوَفْدُ

فيا لآخذا من مجده ما استحقه
نصيبك هذا العز والحسب العد

أبٌ أنتَ أعلى منهُ في الفَضْلِ وَالعُلى
وامضى يداً والنار والدها زند

وَمَا عَارِضٌ عُنوَانُهُ البِيضُ وَالقَنا
أخو عارِضٍ عُنوَانُه البَرْقُ وَالرّعْدُ

وكم لك في صدر العدو مرشة
يُخَضِّبُ منهُ الرّمحَ مُنبَعِقٌ وَرْدُ

وَفَوْقَ شَوَاة ِ الذِّمْرِ ضَرْبَة ُ ثَائِرٍ
يَكَادُ لَهُ السّيفُ اليَمانيُّ يَنقَدّ

يود رجال انني كنت مفحماً
ولولا خصامي لم يودوا الذي ودوا

مَدَحتُهُمُ فاستُقبِحَ القَوْلُ فيهِمُ
ألا رُبّ عُنْقٍ لا يَليقُ بِهِ عِقْدُ

زهدت وزهدي في الحياة لعلة
وحجة من لا يبلغ الامل الزهد

وهان على قلبي الزمان واهله
وَوِجدانُنا، وَالمَوْتُ يَطلُبُنا، فَقْدُ

وَأرْضَى مِنَ الأيّامِ أنْ لا تُميتَني
وَبي دُونَ أقْرَاني نَوَائِبُهَا النُّكْدُ