بود الرذايا أنها في السوابق - الشريف الرضي

بود الرذايا أنها في السوابق
وكم للعلى من طالب غير لاحق

وَفي شِدّة ِ الدّهرِ اعتِبَارٌ لعَاقِلٍ
وَفي لَذّة ِ الدّنْيَا غُرُورٌ لِوَاثِقِ

أرى العيش أياماً تمر وليثنا
نباعد من أحداثها والبوائق

شَهِيٌّ إلى النّاسِ النّجَاءُ من الرّدى
وَلا عُنْقَ إلاّ وَهْيَ في فِترِ خَانِقِ

وأكثر من شاورته غير حازم
وأكثر من صاحبت غير الموافق

مستريح من الجوى
كاذب الود ماذق

ـلُّ غَيرُ المُوَافِقِ
من جميع الخلائق

إذا أنت فتشت القلوب وجدتها
قُلوبَ الأعادي في جُسومِ الأصَادِقِ

وعندي من الود الذي لا يشوبه
لحَاظُ المُرَائي أوْ كَلامُ المُنَافِقِ

أُغالِطُ نَفسِي بَعدَ مَرْأًى وَمَسمَعٍ
ولا أنظر الدنيا بعين الحقائق

عَلى أنّني أدرِي، إذا كَانَ قَائِدي
بَقائي، فإنّ المَوْتَ لا شَكّ سائقي

وما جمعي الأموال إلا غنيمة
لمن عاش بعدي واتهاماً لرازقي

تَنَفّسَ في رَأسِي بَيَاضٌ كَأنّهُ
صِقَالُ تَرَاقٍ في النّصُولِ الرّوَانِقِ

وما جزعي إن حال لون وإنما
أرى الشيب عضباً قاطعاً حبل عاتقي

فَمَا لي أذُمّ الغَادِرِينَ، وَإنّمَا
شبابي أدنى غادر بي وماذق

وَمَنْ ليَ أنْ يَبقَى بَياضُ المَفارِقِ

وَإنّ وَرَاءَ الشّيبِ مَا لا أجُوزُهُ
بِعَائِقَة ٍ تُنْسِي جَميعَ العَوَائِقِ

وَلَيسَ نَهَارُ الشّيبِ عِندي بمُزْمعٍ
رجوعاً إلى ليل الشباب الغرانق

وما العز إلا غزوك الحي بالقنا
وربط المذاكي في خدور العواتق

وَإغمادُكَ الأسيَافَ في كُلّ هَامَة ٍ
وركزك أطراف القنا في الحمالق

ولا ترتضي أن تدنس العرض ساعة
ومشيك في ثوب من الزين رائق

فللعز ما أدنى لياني من القنا
وَأكرَهَ رُمحي في صُدُورِ الفَيَالِقِ

سقى الله نفساً ما أضر بقاؤها
بجِسْمي، وَأغرَاها بما كانَ عَارِقي

تُكَلّفُني سَيراً إلى غَيرِ غَايَة ٍ
مضرّاً بأبناء الجديل ولاحق

وليل كعين الظبى إلا نجومه

جرياً على الظلماءِ حتى كأنني
أرَاهَا بِألحَاظِ الرّزَايَا الطّوَارِقِ

وَرَكْبٍ أنَاخُوا سَاعَة ً، فتَناهَبُوا
ثرى البيد في أعضادهم والمرافق

وساروا بأيدي العيس عجلى كأنها
خراطم أقلام جرت في المهارق

وما أنا ممن يضجر السير قلبه
وتذكره الأمواه حر الودائق

ولكن شريك الوحش في كل مهمة
وَرِدْفُ اللّيَالي في الرُّبَى وَالأبَارِقِ

رعى الله من فارقت من غير رغبة
عَلى الوَجدِ منّي وَالسّقَامِ المُطابِقِ

يُبَاعِدُ عَنّي مَنْ غَرَامي لأجْلِهِ
وَيَقرُبُ مِنْ قَلْبي لَهُ غَيرُ وَامِقِ

إذا شئت أن لا تهجر الهم فاغترب
وَإنْ شِئتَ أنْ يَأتي الحِمَامُ فَفارِقِ

فكُلُّ غَرِيبٍ يَألَفُ الهَمُّ قَلبَهُ
وَلا سِيّمَا قَلْبُ الغَرِيبِ المُفَارِقِ

فكيف بطرف لحظه لحظ مدنف
سقيم وجسم قلبه قلب عاشق

إذا كنتُ ممّن يجحدُ الشّوْقَ في النّوَى
فكَم فاضَ دَمعي مِن حَنينِ الأيانقِ

وَكَمْ أنَا وَقّافٌ عَلى كُلّ مَنزِلٍ
وَكَمْ أنَا مُرْتَاحٌ إلى كُلّ بَارِقِ

أحِنُّ إلى مَنْ لا يَحِنّ صَبَابَة ً
وما واجد قلباً مشوق وشائق

وعندي من الأحباب كل عظيمة
تزهد في قرب الضجيع المعانق

تعطلت الأحشاء من كل أنَّة
فلا القرب يضنيني ولا البعد شائقي

وَمَا في الغَوَاني مِنْ سُرُورٍ لنَاظِرٍ
وَلا في الخُزَامَى مِنْ نَسيمٍ لنَاشِقِ

رمى الله بي من هذه الأرض غيرها
وقطع من هذا الأنام علائقي

فكَمْ فيهِمُ مِنْ وَاعِدٍ غَيرِ مُنجزٍ
وكم فيهم من قائل غير صادق

يَظُنّونَ أنّ المَجدَ فيمَنْ لهُ الغِنى
وَأنّ جَميعَ العِلمِ فَضْلُ التّشادُق

وَفَاءٌ كأُنْبُوبِ اليَرَاعِ لصَاحِبٍ
وَغَدْرٌ كأطْرَافِ الرّماحِ الزّوَالِقِ

ولولا ابن موسى لم يكن في زماننا
معاذ لجان أو محل لطارق

ولا دبَّرت سمر القنا كف فارس
ولا مد في رزق المنى باع رازق

تَغَمّدَنَا مِنْ كُلّ أرْضٍ بنفحَة ٍ
وأمطرنا من كل جوّ بوادق

إذا همّ لم يبعد به زجر زاجر
وإن ثار لم يعطف به نعق ناعق

وإن رام أملاك البلاد بفتكة
مَشَى الذُّلُّ في تيجَانِها وَالمَناطِقِ

لَهُ العِزُّ وَالمَجْدُ التّليدُ وِرَاثَة ً
وَأخذاً عنِ البِيضِ الظُّبَى وَالسّوَابِقِ

وما زال يلقى كل غبراء فخمة
تغالى بأطراف القنا والعقائق

وما برحت في عصر سيوفه
مواضع تيجان الرجال البطارق

يُجَرّدُهَا مِثلَ الأقاحي عَلى الطُّلى
ويغمدها محمرة كالشقائق

تُبَلّغُهُ أقصَى الأمَاني رِمَاحُهُ
وَآرَاؤهُ، وَالرّأيُ أمضَى مُرَافِقِ

وَخَيلٍ كأطرَافِ العَوَالي جَرِيئَة ٍ
على الطعن مسقاة دماء الموارق

إذا عن طرد أو طراد تبادرت
طِرَادَ الأعَادي قَبلَ طَرْدِ الوَسائِقِ

تُدِيرُ عُيُوناً بَدّدَ الرّوْعَ لحظَها
وَغَطّى مَآقيهَا غُبَارُ السَّمَالِقِ

نَوَاصِبِ آذانٍ إلى كُلّ نَبْأة ٍ
طَوَامِحِ ألحَاظٍ إلى كُلّ مَارِقِ

ذَوَاكِرَ للنّجْوَى بيَوْمٍ طِعَانُهُ
ينسي رؤوس الخيل جذب العلائق

تروع جنان الليث إن لم تذمه
وتطعن في الأقران إن لم تعانق

هنيئاً لك العيد المضاعف سعده
كمَا ضَاعَفَ الوَسميُّ نَبْتَ الحَدائِقِ

وَكَمْ مثلِ هذا العيدِ قَضّيتَ فَرْضَه
بمكة في ظل البنود الخوافق

وَقُدْتَ إلَيهِ العِيسَ عَجلى مَرُوعَة ً
تَنَاهَزُ في أنْماطِهَا وَالنّمارِقِ

مُدَفَّعَة ً تَحتَ السّيَاطِ كَأنّهَا
إذا جَنّتِ الظّلماءُ، أيدي النّقَانِقِ

ويعنتها الحادون أو توسع الخطا
إلى قرب دار الموقف المتضائق

وأي مقام للورى تحت ظله
مَهيبٍ يُطَاطي مِن عُيُونِ الحَدائِقِ

وأكثر ما تلقى به العين أو ترى
إفَاضَة مَخلُوقٍ إلى قُرْبِ خَالِقِ

ثَمَانِينَ أعطَيتَ المُنى في مُرُورِهَا
وَلمْ تَرْمِ عَنْ مَسرَاكَ فيها بعَائِقِ

وَأكبرُ ظَنّي أنْ أرَى مِنكَ عارِضاً
يُؤمّمُهَا في مِثْلِ تِلْكَ البَوَارِقِ

أبَا أحْمَدٍ هَذا طِلابي، وَهَذِهِ
مناي التي أمتك دون الخلائق

وَإنّي لأرْجُو منكَ مَا لا أُذِيعُهُ
مخافة واش أو عدو مماذق

وَلا بُدّ مِنْ يَوْمٍ حَمِيدٍ، كأنّهُ
مِنَ النّقعِ في أثنَاءِ بُرْدٍ شَبَارِقِ

عظيم دوي الصوت في سمع سامع
بعيد سماع الصوت من نطق ناطق

أعدّ عناي فيه روحاً وراحة
وَكَمْ سَعَة ٍ للمَرْءِ غِبَّ المَضَائِقِ

وَهَذا مَقَالي فيكَ غَيثٌ، وَرُبّمَا
رميت العدا من وقعه بالصواعق

إذا أنتَ يَوْماً سِمْتَنِيهِ، فإنّمَا
تُكَلّفُني قَطْعَ الذّرَى وَالشّوَاهِقِ

وَحَسبُكَ منهُ ما رَضِيتَ استِمَاعَهُ
وأكثر ما في الناس لغو المناطق