والشَّقَا لَوْ تَرَفَّقَا - أبو القاسم الشابي

والشَّقَا لَوْ تَرَفَّقَا

فيصبحُ ما قد شيد اللهُ والورى
خراباً، كأنّ الكلَّ في أمسهِ وهمُ !

ما قدسَ المثلَ الأعلى وجملهُ

عوائدُ تُحيي في البلاد نوائباً

تَضُجُّ، وها إنّ الفَضاءَ مَآثِمُ

ثُمَّ مِنْ وَصْلِهِ الجَمِيـ
وغام الفضا فأينَ بروقكْ ؟

" أيها الطائرُ الكئيبُ تغردْ
وطرفُهُ يَرْمُقُ النَّجْمَ

" وأجبني فدتْكَ نفسيَ ـ ماذا ؟

حتى تحركت السنون، وأقبلتْ
فتنُ الحياة ِ بسحرها الفتانِ

يُصوِّبها نَحْوَ الدِّيانَة ِ ظَالِمُ
حتى إذا ما توارى عنهمُ ندموا !

ـان جمٌ أحزانُهُ وهمومُهْ "

" خذ الحياة َ كما جاءتْك مبتسماً
في كفها، الغارُ أو في كفها العدمُ "

وغادة ُ الحبِّ ثكلى ، لا تغنيني

فمنْ تألمَ لمْ ترحمْ مضاضتهُ

وسحاباً منَ الرؤى ، يتهادى

ـقِ تراباً إلى صميمِ الوادي

تَقُول واللَّيل سَاجٍ

" واقطفِ الوردَ من خدودي، وجيدي
يا قلبُ نَهْنِهْ دموعَ

وأمانيَّ، يغرقُ الدمعُ أحلاها،
صَارَ ذا جِنَّة ٍ بِهِ

عبقرُّ السحرِ، ممراحٌ وديعٌ في سماهْ

وانسَ في الحياة َ ..، فالعمرُ قفرٌ،
مرعبٌ إنْ ذوى وجفّ نعيمهْ "

ـي مسراتها، ويبقي أساها

كَمْ قُلُوبٍ تَفَطَّرَتْ

نَاحَتْ عَليهِ فتاة ٌ:
نَ بلْ لبُّ فنها وصميمهْ"

ليتني لم يعانقِ الفجْرُ أحلامي،

فرماها بنظرة ٍ، غشيتها
والقبرُ مصغٍ إليها:

نحوَ السماءِ، وها أنا في الأرضِ تمثالُ الشجونْ

ولربّ صبحٍ غائمٍ، متحجبٍ
في كلة ٍ من زعزعٍ وغمامِ

جفتْ به أمواجُ ذياك الغرامِ الآفلِ