من حديث الشيوخ - أبو القاسم الشابي

من حديث الشيوخ

وتطهرَ أروحنا في الحياة ِ
بنارِ الأسى ...

اللَّيْلِ، فِي تِلْكَ النَّوَاحي
وتلك الأغاني، وذاك النشيدْ ؟

بَعْدَ إضْرَامِ الكِفَاحِ

يسمعُ الأحزانَ تبكي
وقال ليَ الغابُ في رقَّة ٍ

سَعْيَ غَيْدَاءَ، رَدَاحِ

ألماً علمني كرهَ الحياة ْ

وتربدُّ تلكَ الوجوهُ الصباحُ
فَرَنَتْ نَحْوَ جَلاَلِ الكَوْ

وضياءٍ، وظلالٍ، ودجى ،

وهل ينطفي في النفوسِ الحنينُ
وانقِبَاضٍ، وانْشِرَاحِ

وفتنة َ هذا الوجودِ الأغَرْ»
والهمومْ

في دولة ِ الأَنْصَابِ والأَلقابِ»

أيامَ كانتْ للحياة ِ حلاوة ُ الروضِ المطيرْ

غُدُوٍ، وَرُوَاحِ
من الكون ـ وهو المقيم الأبيدْ ـ ؟

أخرسَ العصفورَ عني،

يَهْجَعُ الكَوْنُ، في طمأنينة ِ الْعُصْـ

نِ، جَوْنَاءُ اللِّيَاحِ
نظامٌ، دقيقٌ، بديعٌ، فريدْ

ههنا، تمشي الأماني، والهوى ،
والأسى ، في موكبٍ فخمِ النشيدْ

ولولا شقاءُ الحياة ِ الأليمِ

وبدرٌ يضيءُ ، وغيمٌ يجودْ ؟

ضمَّتِ الميْتَ تلكَ الحُفرْ»
وسلامهْ

«ظمئتُ إلى الكون! أين الوجودُ

نَحْوَ رَبّاتِ الجَنَاحِ
كأنّ صدَاها زئيرُ الأسودْ

فَاحْتَسَتْ خَمْرَ نَدَى الدَّا

لوعة ُ اليومِ، فتبكي وتئنُّ
لشقاها

إنَّمَا الدَّهْرُ وَمِيثَا
كما تنثرُ الوردَ ريحٌ شرودْ

ـسِ فِي العَرْشِ الفُسَاحِ
وعيشٍ، غضيرٍ، رخيٍّ، رغيدْ ؟