أيلتذّ بالدّنيا منعَّمُ بالِ - إبراهيم بن عبد القادر الرِّيَاحي

أيلتذّ بالدّنيا منعَّمُ بالِ
وللموت في الأحشاء رَشقُ نِبَال

عجبتُ وما الأيّامُ إلاّ عجائب
ركونٌ إلى آلٍ وطيفُ خيال

فهل وَاصَلَتْ إلاّ وِصالَ مُخادعٍ
وهل أَرْضَعَتْ إلاّ لِبانَ فِصَال

فإيّاك والإصغاَء منها لزخرفٍ
فما هو في التّحقيق غيرُ مِحال

وشَمِّرْ لما تلقاه عن ساقِ جاهدٍ
له هِمَمٌ في الصّالحات عوالي

وَعِظْ منك نفسا ما ارعوت لِمُذكِّرِ
ولا وَثِقَتْ من نَاصِحٍ بمقال

وفي موت أهل العلم أَوْعَظُ واعظٍ
لمن يَخْطُرُ الإيمانُ منه ببال

ولا سيّما من لم يزَلْ بِعُلومِه
يحلّى نُحُورَ الطّالبينَ لآَلي

وينشرها وهي العقود كأنّما
تفوح بذاك النّشرِ منه غوالي

وهل كان مثل الشيخ أحمدَ ناشر
على طول أيّام له وليالي

أبو عبدَة الأرْضَى الإمامُ ومَنْ له
من العلم والتّوفيق أيّ خِلال

يروح لنفع الطّالبين ويغتدي
كما هطلت مُزْنُ السّما بزُلال

متى كَلَّ ذ وَجْهٍ جديدٍ فإنّه
على كِبَرٍ لم يتّسِمْ بكلال

إلى أن غدا علمه الدّهر مطلعا
لِنَجْمٍ يُرى في دُجْنَةٍ وهلال

على فقده فَلْيَبْكِ درسٌ ودارسٌ
بِدَمْعٍ على وجه الطّروس مُذَالِ

وفي مثله تأسى القلوب فإنّه
لها صيقل من رَانِها المتوالي

ولكنّه حيث النّعيمُ مصيرُه
فكلُّ امْرِيءٍ ذو رحلة وزوال

ومَنْ كان مِن قربى الرّسول وآله
فَأَوْلَى بأن يَحْظى بخير مآل

وَمَنْ كان للدّين الحنيفِّي ساعداً
فَأَحْرَى بنزلٍ من رضى المتعالي

فَزُرْ قبرَهُ واذْكُرْ مقال مُؤرِّخ
سقى قبره الرّحمان مُزْنَ نَوَالِ