أَتُرى مُمْرِضي درى بِسقامي - إبراهيم بن عبد القادر الرِّيَاحي

أَتُرى مُمْرِضي درى بِسقامي
فهي إن تُرْضِهِ أعزُّ مرامِي

ما عدا هجرَه فأجناد صبري
ما استطاعت لحملها من قيام

أيّها الهاجر وإن كنتَ أهلا
أين حِلم النّهى وصفحُ الكِرَام

كيف يا سيّدي وأنتَ مُرادي
وعلى مَنْ سِوَاكَ ألف سلام

كيف أذللتَ بالجفاء مُحِبّاً
لك في قلبه أعزّ مقَامِ

صار يهوى من بعد طول ائْتِلاَفٍ
لك وَصْلاً ولو بطيْف منام

آهِ ألفا على ليالٍ تقضّت
نظّمَتْ شَملَنا بأيّ انتظام

حيث فاس قرارُنا وهي دارٌ
ما لِدَارٍ في حُسْنِهَا من نظام

ما لِمِصْرَ ولا لبغدادَ معنىً
مشبهٌ لا ولا العراقِ وشامِ

أيُّ سرٍّ فيها وأيُّ سُرورٍ
قد قطفنا وأيّ شرب مُدَام

أي معنىً وأي لُطْفٍ وظَرْفٍ
وغرامٍ يُهَاجُ بالأنغام

والإمامُ التجاني أحمدُ فينا
داعياً بالهُدى لدار السّلام

يُسْرِجُ النّورَ في القلوب ويمحو
بمياه الغيوب كُلَّ ظلام

يسكُبُ السرَّ في سرائر قوم
أصبحوا بالوِصَال سكرى غرام

ذاك فانٍ في اللّه حُبّاً وهذا
في جمالِ النبيءِ بَدْرُ التّمام

يا نفوساً دُكَّتْ لقهر التجلّي
يا عقولاً خَرَّتْ لِلُطْفِ الكلام

مَدَدٌ مَدَّهُمْ به الشيخ جوداً
إنّ جودَ التّجاني في الكون هام

كيف لا والهُمَامُ أحمدُ قُطْبٌ
ما له في المقام قطبٌ مُسَامِ

خاتَمٌ خصّه الإله بفضل
وعطايا من المزايا عِظام

دُونَها تنتهي النّهى لِعُلُوٍّ
وارتقاء من مُدْرَك الأفهام

هكذا أنبأَ النّبيءُ فَصَدِّقْ
أو تَهَيَّأْ لرشقةٍ من سهام

إنْ تَقُل كيف ذاك وهو أخيرٌ
هل يفوق المَأْمُومُ قَدْرَ إِمَامِ

قُلْت فاق النبيءُ وهو أخيرٌ
كلَّ ذي رتبةٍ سَمَتْ في الأنام

ليس للقدرة القديمة عجزٌ
وكذا الفضلُ لم يزل في انسجام