السّعدُ تُخْبِرُنا شواهدُ حالِه - إبراهيم بن عبد القادر الرِّيَاحي

السّعدُ تُخْبِرُنا شواهدُ حالِه
أن قد كسا علياك ثَوْبُ جمالِه

وعليك قد ضرب الفخارُ سُرادقاً
وببابك العالي مُنَاخُ رِحاله

يَا مَنْ بِدَوْلَتِه الجفونُ تكحّلَتْ
بِالأَمْنِ إِذْ لجأت لبرد ظِلاله

بِكَ مفخرٌ للدّهر ليس بخامل
لِمَ لاَ وقد أصبحت من أقياله

فَلأَنْتَ ضَيْغَمُه ونَيِّرُ أُفقه
وخِضامُه الطّامي وطَوْدُ جلاله

أَنَّى يُحيط بك المديحُ وأنتَ مَنْ
تهوى بُدورُ التمِّ لَثْمَ نِعاله

لك خطّة الشّرَف التي لم يَحْوِها
مَلِكٌ وإنْ عَظُمَتْ خِصَال كماله

وأصَالة الرأي الذي آثاره
رَوِيَتْ بما يُجْريه من سلساله

فلقد غَدَا خاقانُ عَصْرِكَ آخذاً
بسديد رَأْيِكَ في مُهِمِّ فِعَاله

وعناك إذ قال المشير وحبّذا
لَقَبٌ حَوَيْتَ الفخرَ باستكماله

ومِن العناية أن غَدّوْتَ مُطَوَّقاً
طوقَ الجلالة مِن سَنَا إفضاله

كم قد تَطَاوَلَتِ آلِّرقابُ لِنَيْلِه
وتَسَارَعَتْ هِمَمٌ لجلب مِثَالِه

فَتَقَاصَرَتْ عن حَرْزِه وحُبِيتَه
ومَلأْتَ كفَّك من وثيق حِباله

وكساك تاجاً وهو أعظم آيةٍ
دلّت على المكنون من إقباله

وَلوِ آلْمَعِالِي صُوِّرَتْ وتجسَّدْت
لأتاك مَحْضُ الودّ من إقباله

فبذا بلغتَ ذُرى السيادة مُدْرِكاً
شَأْواً منالُ النّجم دون مناله

أنت الجديرُ بكلّ ما أُوليتَه
وخطرتَ يا ذا المجد في سِرْبَالِه

مَنْ ذا يجاري أَحْمَداً في فضله
أَمَّنْ له نَسْجٌ على مِنْوَاله

سبّاقٌ غاياتِ المكارمِ أوحدٌ
حاوي الفضيلةِ يَوْمَ رَفْعِ طواله

مَلِكٌ تصَحَّحَ أنّه فردُ العُلَى
مهما أَجَلْتَ الفكرَ في أَحواله

فله بِوَصْلِ المَكْرُماتِ عنايةٌ
ولها مزيدُ عنايةٍ بوصاله

أَغْنَتْ مَهَابَةُ ذكره عن سيفه
ودفاعِهِ عن قصره بنباله

أفضى لهزم عُدَاتِه تَخْمينُهُمْ
في بطشه ومرورُ طَيْفِ خياله

جَأْشٌ يلين له الحديدُ وصَوْلةٌ
تستوقفُ الضّرغامَ عن أشباله

ورحيبُ صدرٍ ضمَّ حِلْماً واسعاً
يلقى به الجاني مُنَى آماله

وندىً أناف على الغمام رعاية
إذ سَيْبُهُ بمواهبٍ من ماله

فإذا الكرام تبسّطت أَيْمانُهم
أربى على معروفهم بشِماله

تاهت على كلّ البلاد بلادُه
وسما بها الأمراء تحت حِجاله

أبْدَى بها الجيشَ العرمرمَ وُشِّحَتْ
أَصْنَافُه بالأُسْدِ من أبطاله

وأنال مسجدَها المعظّمَ رِفْدَهُ
وسقى مُصَوَّحَ نَبْتِه بزُلاله

وحباه من كتب العلوم نفائساً
تُزْري بنفح الرّوض في آصاله

أطْلَعْتَهَا في أَفْقِ فَضْلِك أَنْجُماً
يَمْحُو بها السّاري دُجَى إشكاله

وأَجَلْتَ فيها راحة المُثري ومَنْ
قد صُفِّدَت كفّاه من إقلاله

وبها أَزَحْتَ شدائِداً عن عاجزٍ
وكَشَفْتَ ما أَصْمَاه من أهواله

يا أيّها الملك الذي عَشِقَ العُلَى
وسعى إليها سَعْيَ صّبٍّ وَالِهِ

خُذْها إليكَ قصيدةً بل دُمْيَةً
حَوْرَاَء جَلَّلَها آلْحَيَا بجِلاله

زُفَّتْ فمن فَرْطَ اللّطافةِ خِلْتُهَا
تُغْنِي لطيفَ الطّبع عن جِرْيَالِه

عَجَزَتْ عن التّفصيل فيما نِلْتَهُ
مِنْ سُؤْدَدٍ فَسَعَتْ إلى إجماله

واهْنَأْ بعيدٍ قد أَظلّك وقتُه
وسناؤُه واسْلَمْ إلى أمثاله

هذا ولولا الشّرعُ عَيَّنَ وقتَه
لأنفكّ يومَ العيد عن شوّاله

إذْ كلّ يوم من زمانك موسِمٌ
يُغْنِي جبينُك عن طلوع هلاله

لا زال ملكك زينةَ الدّنيا ولا
ذاقت مدى الأيّامِ طَعْمَ زواله

وبَقِيتَ ترفُلُ في مطارف سؤددٍ
ومسرّةٍ بمحمّدٍ وبآلِه