إلى متى اللّهوُ والأحبابُ قد رحلوا - إبراهيم بن عبد القادر الرِّيَاحي

إلى متى اللّهوُ والأحبابُ قد رحلوا
يا من بفانية اللّذّات يشتغل

كم جرّعَتْك كؤوسُ البَيْنِ من غُصَصٍ
فالعين باكية والقلب مشتعِل

وكم نحبتَ على صبٍّ علِقْتَ به
وأصدقاَء سُوَيدا القلب قد نزلوا

قد سافروا سَفَراً جَدَّ المَسِيرُ بهم
فيه فليس إلى رُجْعَاهُمُ أمل

وبدّلونا بسكنى حفرةٍ قبُحت
وخلّفونا وَدَمْعُ العين منهطل

وعاد حُسْنُهُمُ قُبْحاً وأُنْسُهُمُ
وَحْشاً وحزنُهم نَامٍ ومُتَّصِلُ

فالنّطق منطبِق والجفنُ منغلِق
واللّونُ منمحقُ والوصل منفصل

والأذن في صَمَمٍ والسّاقُ في سكن
واليدُّ في سدل فالكلّ منخذل

يا من تُرَى ما لذاك الحسن منخسفاً
وما دهاه وحارت عنده الحِيَلُ

دهاه أمرٌ عظيم لا مَرَدَّ له
قضى به اللّهُ والإنسان يحتمل

يحقّ للعين أن تبكي لفُرقتها
أَحِبَّةً ليس في دَهْرِي لهم بَدَل

خلَّوْا فؤادي كئيبا بالفراق وقد
توطّنوا حفرةً سوداَء تُبتذل

فَكّرْ فإِنّ نعيمَ الأمر منتقلُ
واعْمَلْ لمُلْكٍ عظيمٍ ليس ينتقل

فما يَسُرُّ امْرَءًا أهلٌ ولا وَلدٌ
وليس ينفعُ إلاّ العلمُ والعملُ

الأهل تلقى بديلاً بَعدَ مِيتِتها
والمالُ للغير قهراً عنك ينتقل

والبنت تمشي لِبَعْلٍ عنك ذاهبةً
والابنُ يبقى زمانا ثم يشتغل

باللّه يا راحلاً نحو الأحبّة سَلْ
عنهمْ وسَلِّمْ عليهم بعد إِذ تَصِلُ

وقل لهم إنّنا عنك أُسَارى أَسىً
وعن قريب إليكم نحن نرتحِلُ