حُكْمُ المنيّةِ نافذُ الأحكامِ - إبراهيم بن عبد القادر الرِّيَاحي

حُكْمُ المنيّةِ نافذُ الأحكامِ
والدّار ما جُعِلَتْ بدار مُقَامِ

كَمْ فتّتَتْ كَبِداً وكم أبكت دماً
ورفيع عرش ثُلَّ بعد نظام

وَلَرُبّما هان المصاب وأنتَ يا
حمّودة جلل على الأيّام

يفنى الزّمان ورُزءُ فقدِك حادثٌ
يُتْلَى على الأفواه والأقلام

إنْ تَسْخُ جامدةُ العيون بِدرِّها
فلطالما رَوِيَتْ بكأس منام

أَوْ تَلْبَسِ الدّنيا عليك حِدَادها
فَغُرُوبُ شمسِك مُؤْذِنٌ بظلام

لكم مَآثرُكَ التي خَلَّدْتَهَا
أَبْقَتْ سَنَاك وأنت تحت رُجَامِ

السُّورُ ما سَوَّاهُ إلاّ عَزْمُه
ومُشَيِّدُ الأبراج تحت ضِرَامِ

أمّا الثّغور فإنّها غُصّصُ آلْعِدَا
وشِفَا الصّدورِ لأمّة الإسلام

ولكم سَقَيْتَ الرُّعبَ من شقَّ العصا
ومَزَجْتَ كأسَ سرورِه بحمام

مِنْ بَعْدِ ما بَالَغْتَ في إرشاده
وغَضَضَتَ جفنَ الحلم غَضَّ كِرَام

حتى أطاعَكَ فيهُمُ النّصر الذي
خضعوا به قَسْراً خضوعَ لِئَام

وبلغتَ أنّك إن رَأَوْا لك عسكراً
هُزِموا بلا طَعْنٍ وسلِّ حُسَام

وغَدَتْ بذلك تونسٌ تَفْتَرُّ في
حُلَلِ الهنا عن ثغرها البسّام

محسودةً كَعُقابِ جوٍّ مَنْعَةً
بشموخها وكَمِيِّها الضّرغام

والآن فهي لفقده محزونةٌ
تبكي عليه بِكُلِّ طَرْفٍ دامي

فكأنّما عَيْنُ الحَوَاسِدِ فَوَّقَتْ
لِجَمَالِها عن قَوْسِها بِسِهَام

لمّا دعا داعي الرّضى فأجابه
مستسلماً للّه في الأحكام

فَافْسَحْ له اللّهُمَّ عندك منزلا
واسْمَحْ له بزيادة الإِنعام

ولقولتي حَقِّق بفضلك فيه إذْ
أَرَّخْت قيل ادخل لنا بسلام