للّه قد وجب الدَّوَامْ - إبراهيم بن عبد القادر الرِّيَاحي

للّه قد وجب الدَّوَامْ
وسِوَاه نهبٌ لِلْحِمَامْ

حُكْمٌ جرى تعميمُه
حتماً على كلّ الأنام

سيّان في تنغيصه
عالٍ ومُنْخَفِضُ المقام

أين الملوك وأين مَنْ
كانت لهم تُرْعَى الذِّمام

لم يَحْمِهم مالٌ ولا
لَمْعُ الصوارم والسِّهام

وجميع عِزِّهُمُ انْطَوَى
كالبرق في طيّ الغمام

لم يظفَروا بسوى الذي
عَمِلُوه من خَيْرٍ مُدَام

وجدوه نُوراً عندما
يسعى المُقَصِّرُ في الظلام

وجدوه سعداً مُؤْنِساً
يَهْدِي إلى دار السّلام

وجدوه مُلْكاً جَلَّ أن
يسعى لعزّته انصرام

هذا الذي قد رَامَه
بصنيعه هذا الهُمام

فأتى بكلّ عظيمة
عن مثلها صَغُرَ العظام

أَوَلَمْ يُسِلْ عَيْنَ النّدى
حتّى تَضَلّعَ كلُّ ظام

أوَلَمْ يَشِدْ للدّين ما
أنوارُه ذات ابتسام

مِنْ جامعٍ جُمِعَتْ له
كلّ المحاسن بالتّمام

ومكاتبٍ أضحى بها
دُرُّ المفاخر في انتظام

ومَوَارِدٍ بزُلالها
أَبْرَى الأنامَ من الأَوَام

هذا وكم قَصَدَتْهُ في
أيّامه زُمَرُ المرام

والدّهرُ كم لَحَظَتْهُ من
إجلاله عَيْنُ احترام

قاد الصّفوف بِعَزْمِهِ
وبرأيه صلّى الإمام

فأطاعه في حربه
نَصْرٌ عزيزٌ لا يُرام

ثم انْقَضَى فكأنّه
طَيْفٌ تَعرَّض في منام

وَمَنِ الذي دامت له
والدّهرُ مسلولُ الحُسَام

فَبَكَتْ عليه عوائدٌ
غُرٌّ بأدمعها السّجام

اللّه يرحم يُوسُفاً
ختم الكِرام بلا كلام

لا غَرْوَ أن أرّختُه
بمماته يَتُمَ الكرام