كأنك تهوى أنّ عذلك ينفع - إبراهيم بن عبد القادر الرِّيَاحي

كأنك تهوى أنّ عذلك ينفع
وهل كان عند الصبّ للعذل مسمع

إذا كان من ذاتي رجوعي إلى الهوى
فما نفع قولي إنّني لست أَرجع

وهل وقع الملزوم يوماً ولم يكن
لِلاَزِمِهِ في ساحة الكون موقع

لذاك تراني كلّما شِمْتُ بارقاً
تُسابقه من برق وَجْدِيَ أَدْمُعُ

فأمّا إذا تبدو محاسنُ بَيْرَمٍ
فكيف ترى الحِرْبا إذا الشّمس تطلع

سماءُ علومٍ كلّما لاح لامعٌ
تقفّاه منها أَلْمَعٌ ثم أَلْمَعُ

وَبَحْرُ علومٍ يزدري الدرَّ عِقْدُهَا
على أنّه للنّقل والعقل مجمع

وفي هذه الحَسْنا التي برزت لنا
بألوانِ حُسْنٍ للمنازع مقنع

بَدَتْ للمُنَى رَوْضاً وللعين قُرَّةً
وفيها الذي من ذا ومن ذاك أَنْفَعُ

فجاءت تهَادَى لا سوى السّحر غنجُها
ولا ما سوى ماء الوَسامة بُرقُعُ

ترى بين معناها ورقّةِ لفظِها
عِناقاً على نَوْلِ الطبيعةِ يُصْنَعُ

إذا اختصمَ النّعمانُ فيها ومالكٌ
تقول لكلّ منكما فيَّ منزع

ومهما ادّعاها العقلُ ردّ اختصاصَه
بها نصُّ نقلٍ بالحقيقة يَقْطَعُ

إنْ تَفْخَرِ الْفَتْوَى بها فلَكَمْ بها
لأهل القضا مِن تاج عزٍّ يُرصَّعُ

فسبحان مختار الإِمام محمّدٍ
لها وهو أدرى أيّهم هو موضع

وكيف وبيتُ الدّين والعلم بَيْتُه
وللمجد والتّقوى مَقِيلٌ ومَرْبَعُ

عفافٌ على وجدٍ وعفوٌ بقدرةٍ
وَجَاهٌ ولكن لم يُدَنِّسْهُ مطمعُ

وخفضٌ على رفعٍ وتليينُ منطقٍ
على أنّه لَلصّلْدُ في الحقّ يصدع

وفَضْلُ ثباتٍ ما الرّواسي راوسخاً
لدَيْه إذا طارت نُهًى وهي وُقَّعُ

وقدرٌ تمنّى النُّجْمُ نَيْلَ مَحَلِّهِ
فكيف ترى مَنْ في الثّرى فيه يطمع

إلى ما يفوت الْعَدَّ مِنْ كلّ حِلْيَةٍ
بها شَمْلُ أشتاتِ الكمال مُجَمَّعُ

فَدُمْ واحداً لا مَنْ يضاهيك في الورى
وعزُّك موصولٌ وأَمْرُكَ يُسْمَعُ

ولا تحتقِرْ شِعْرِي وإن كان أهله
فَقَدْرُكُمُ من أبلغ الشّعر أَرْفَعُ

ولكنّني حاولتُ شرحَ مودّةٍ
وشافِعُ شعري في الوِداد مشفّعُ

وأَزْكىَ سلامٍ من سَلِيمِ مودّةٍ
عليك بِرَيْحَانِ الرّضى يتضوَّعُ