في قائمِ السيفِ إنْ عزَّ الرضا حكمُ - محمود سامي البارودي

في قائمِ السيفِ إنْ عزَّ الرضا حكمُ
فَالْحُكْمُ لِلسَّيْفِ إِنْ لَمْ تَصْدَعِ الْكَلِمُ

تأبى ليَ الضيمَ نفسٌ حرة ٌ وَ يدٌ
أَطَاعَها الْمُرْهَفَانِ: السَّيْفُ وَالْقَلَمُ

وَ عزمة ٌ بعثتها همة ٌ شهرتْ
بِهَا عَلَى الدَّهْرِ عَضْباً لَيْسَ يَنثَلِمُ

وَ فتية ٌ كأسودِ الغابِ ، ليسَ لهمْ
إلاَّ الرماحُ إذا احمرَّ الوغى أجمُ

كالبرقِ إنْ عزموا ، وَ الرعدِ إنْ صدموا
وَالْغَيْثِ إِنْ رَحِمُوا، وَالسَّيْلِ إِنْ هَجَمُوا

إِنْ حَارَبُوا مَعْشَراً فِي جَحْفَلٍ غَلَبُوا
أوْ خاصموا فءة ً في محفلِ خصموا

لاَ يَرْهَبُونَ الْمَنَايَا أَنْ تُلِمَّ بِهِمْ
كأنَّ لقى المنايا عندهمْ حرمُ

مُرَفَّهُونَ، حِسَانٌ فِي مَجَالِسِهِمْ
وَفِي الْحُرُوبِ إِذَا لاقَيْتَهُمْ بُهَمُ

مِنْ كُلِّ أَزْهَرَ، كَالدِّينَارِ غُرَّتُهُ
يجلو الكريهة َ منهُ كوكبٌ ضرمُ

لاَ يَرْكَنُونَ إِلَى الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا
إذا همُ شعروا بالذلَّ ، أو نقموا

قدْ حببَ الموتَ كرهُ الضيمِ في نفرِ
لولاهمُ لمْ تدمْ في العالمِ النعمُ

مَاتُوا كِرَاماً، وَأَبْقَوْا لِلْعُلا أَثَراً
نَالتْ بِهِ شَرَفَ الْحُرِّيَّة ِ الأُمَمُ

فَكَيْفَ يَرْضَى الْفَتَى بِالذُّلِّ يَحْمِلُهُ
وَ الذلُّ تأنفهُ العبدانُ وَ الخدمُ ؟

إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْفَتَى فَضْلٌ وَمَحْمِيَة ٌ
فَإِنَّ وِجْدَانَهُ فِي أَهْلِهِ عَدَمُ

فَالْحِلْمُ مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ قُدْرَة ٍ خَوَرٌ
وَالصَّبْرُ فِي غَيْرِ مَرْضَاة ِ الْعُلاَ نَدَمُ

فارغبْ بنفسكَ عنْ حالٍ تضتامُ بها
فَلَيْسَ بَعْدَ اطِّرَاحِ الذُّلِّ مَا يَصِمُ

وَلاَ تخَفْ وِرْدَ مَوْتٍ أَنْتَ وَارِدُهُ
منْ أخطأتهُ الرزايا غالهُ الهرمُ

إِنَّ الْعُلاَ أَثَرٌ تَحْيَا بِذُكْرَتِهِ
أسماءُ قومٍ طوى أحسابها القدمُ