سمعَ الخلى ُّ تأّوُّهى فتَلفَّتا - محمود سامي البارودي

سمعَ الخلى ُّ تأّوُّهى فتَلفَّتا
وأصابهُ عجبٌ ، فقالَ منِ الفتى ؟

فَأَجَبْتُهُ إِنِّي امْرُؤٌ لَعِبَ الأَسَى
بِفُؤادِهِ يَوْمَ النَّوَى فَتَشَتَّتَا

انظُرْ إلى َ تجِدْ خيالاً بالياً
تحتَ الثِّيابِ ، يكادُ ألاَّ ينعتا

قَدْ كانَ لِي قَلْبٌ أَصابَ سَوادَهُ
سهمٌ لطَرفٍ فاترٍ فَتفتَّتا

تبِعَ الهوى قلبى فهامَ ، وليتَهُ
قَبْلَ التَّوَغُّلِ في البَلاءِ تَثَبَّتَا

أَلْقَتْهُ فِي شَرَكِ الْمَحَبَّة ِ غَادَة ٌ
هَيْهَاتَ، لَيْسَ بِصاحِبِي إِنْ أَفْلَتَا

كالوردِ خدَاً ، والبنفسجِ طرَّة ً
والْغُصْنِ قَدًّا، والْغَزَالَة ِ مَلْفَتَا

نَظَرَتْ بِكَحْلاوَيْنِ أَوْدَعَتَا الْهَوَى
بِالقَلْبِ حَتَّى هَامَ، ثُمَّ تَخَلَّتَا

تاللهِ لو علمَ العذولُ بما جنى
طرفى على ّ لساءه أن يشمتا

طَرْفٌ أَطَلْتُ عِنَانَهُ لِيُصِيبَ لِي
بَعْضَ الْمُنَى ، فَأَصابَنِي لَمَّا أَتَى

يا قَلْبُ حَسْبُكَ قَدْ أَفاقَ مَعَاشِرٌ
وأَراكَ تَدْأَبُ في الهَوَى ، فإِلى مَتَى ؟