يَا نَاعِسَ الطَّرْفِ، إِلَى كَمْ تَنَامْ؟ - محمود سامي البارودي

يَا نَاعِسَ الطَّرْفِ، إِلَى كَمْ تَنَامْ؟
أسهرتني فيكَ ، وَ نامَ الأنامْ

أُوْشَكَ هَذَا اللَّيْلُ أَنْ يَنْقَضِي
وَ العينُ لاَ تعرفُ طيبَ المنامْ

وَيْلاَهُ مِنْ ظَبْيِ الْحِمَى ؛ إِنَّهُ
جرعني - بالصدَّ - مرَّ الحمامْ

يغضبُ منْ قوليَ " آهِ " وَ هلْ
قَوْلِيَ «آهٍ» ـ يَابْنَ وُدِّي ـ حَرَامْ؟

لاَ كتبهُ تترى ، وَ لاَ رسلهُ
تأتي ، وَ لاَ الطيفُ يوافى لمامْ

اللهَ في عينٍ جفاها الكرى
فِيكُمْ، وَقَلْبٍ قَدْ بَرَاهُ الْغَرَامْ

طالَ النوى منْ بعدكمْ ، وانقضتْ
بَشَاشَة ُ الْعَيْشِ، وَسَاءَ الْمُقَامْ

أرتاحُ إنْ مرَّ نسيمُ الصبا
و البرءُ لي فيهِ معاً ، وَ السقامْ

يَا لَيْتَنِي فِي السِّلْكِ حَرْفٌ سَرَى
أوْ ريشة ٌ بينَ خوافي الحمامْ

حتى أوافى مصرَ في لحظة ِ
أقضي بها في الحبَّ حقَّ الذمامْ

موْلاَيَ!، قدْ طَالَ مرِيرُ النَّوى
فَكُلُّ يَوْمٍ مَرَّ بِي أَلْفُ عَامْ

أنظرُ حولي ، لاَ أرى صاحباً
إلاَّ جماهيرَ ، وَ خيلاً ، وَ خيلاً صيامْ

وَ ديدباناً صارخاً في الدجى
يرجعْ وراءً ؛ إنهُ لاَ أمامْ

يُقْتَبَلُ الصُّبْحُ، وَيَمْضِي الدُّجَى
وَيَنْقَضِي النُّورُ، وَيَأْتِي الظَّلاَمْ

وَ لاَ كتابٌ منْ حبيبٍ أتى
وَ لاَ أخو صدق يردُّ السلامْ

في هضبة ٍ منْ أرض " دبريجة ٍ "
ليسَ بها غيرُ بغاث وَهامْ

وراءنا البحرُ ، وتلقاءنا
سوادُ جيشٍ مكفهرًّ لهامْ

فتلكْ حالي - لاَ رمتكَ النوى -
فَكَيْفَ أَنْتُمْ بَعْدَنَا يَا هُمَامْ؟