لَوَى جِيدَهُ وَانْصَرَفْ - محمود سامي البارودي

لَوَى جِيدَهُ وَانْصَرَفْ
فَما ضَرَّهُ لَوْ عَطَفْ؟

غزالٌ لَهُ نَظرة ٌ
أَعَانَتْ عَلَيَّ الْكَلَفْ

تَبَسَّمَ عَنْ لُؤْلُؤٍ
لَهُ مِنْ عَقِيقٍ صَدَفْ

وَتَاهَ فَلَمْ يَلْتَفِتْ
وشأنُ الجمالِ الصَلف

جَرى الْبَنْدُ فِي خَصْرِهِ
على حَركاتِ الهيَف

وما ذَاكَ خَالٌ بَدَا
ولكِنْ وِسَامُ التَّرَفْ

رآنِى بهِ مولَعاً
فعاتبَنِى وانحرَفْ

ولم يدرِ أنِّى بهِ
عَلَى جمَراتِ التَّلَفْ

فَقُلْتُ لَهُ: سَيِّدِي!
ترفَّق بِصَبٍّ دَنِفْ

فقالَ : أخافُ العِدا
فَقُلْتُ لَهُ: لاَ تَخَفْ

فإنِّى عَفيفُ الهوى
وَمَا كُلُّ صَبٍّ يَعِفْ

وَأَنْشَدْتُهُ قِطْعة ً
وشِعرِى إحدى الطُّرَف

فاصغِى لَها باسِماً
وبانَ عليهِ الأسَفْ

ونَمَّت بهِ خَجلة ٌ
تَدُلُّ عَلَى مَا اقْتَرَفْ

وقالَ : أهذا الضنَى
جَناهُ عليكَ الشَغَف ؟

فقُلتُ : نعم،سيِّدى !
وأبرحُ ممَّا أصِف

فَصَدَّقَ، لَكِنَّهُ
تَجَاهَلَ لَمَّا عَرَفْ

وقالَ : أطَعتَ المُنى
وَبَعْضُ الأَمَانِي سَرَفْ

وَمَا كُلُّ ذِي حَاجَة ٍ
يَفوزُ بِها إن عَكف

فأشفقتُ من قولهِ
وَلَكِنَّ رَبِّي لَطَفْ

فلمَّا رأى أدمُعى
تَوالَت ، وقَلبى رَجف

تَبَسَّمَ لِي ضَاحكاً
ومانَع ، ثمَّ انعطَف

فأغرَمتهُ قُبلة ً
عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفْ